الرئيس ميقاتي: ندعو الإتحاد الأوروبي لحل ملف النازحين ونرفض أن يصبح لبنان وطناً بديلاً

عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين اجتماعاً ثلاثياً في السرايا اليوم وذلك في إطار زيارة رسمية للبنان تستمر عدة ساعات.

وكان الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية وصلا الى لبنان صباحاً قادمين من قبرص واستقبلهما رئيس الحكومة في المطار، وتوجّها من هناك إلى السراي الحكومي حيث أقيمت لهما مراسم الإستقبال الرسمية.

بعد ذلك عقد الرئيس ميقاتي والرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية اجتماعاً ثلاثياً أعقبته محادثات موسعة شارك فيها عن الجانب اللبناني وزراء الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، الدفاع العميد موريس سليم، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية النائب فادي علامة، قائد الجيش العماد جوزف عون، سفير لبنان لدى الإتحاد الأوروبي فادي الحاج علي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، مستشارا الرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي.

وعن الجانب القبرصي شارك في المحادثات وزيرا الخارجية كوستاندينوس كومبوس والداخلية كوستانتينوس ايوانو، سفيرة قبرص في لبنان ماريا حاجي تيودوسيو، الناطق باسم الحكومة قسطنطينوس ليتمبيوتيس، ومدير المخابرات تازوس تزيونيس.

وعن الجانب الأوروبي شاركت رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دي وال، والمستشار الديبلوماسي فرناندو اندرسن غويماريس.

لقاء صحافي

في ختام المحادثات عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين لقاءً صحافياً مشتركا.ً

وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: سعدنا هذا الصباح باستقبال فخامة رئيس جمهورية قبرص السيد نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين، وعقدنا إجتماعاً مثمراً عرضنا في خلاله  العلاقات الثنائية بين لبنان ودول الإتحاد الأوروبي لا سيما قبرص، والأوضاع في المنطقة والوضع المأسوي في غزة والإعتداءات الإسرائيلية. وجددت دعوتي الإتحاد الأوروبي والعالم الى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني، والعمل على إرساء حل نهائي شامل وعادل للقضية الفلسطينية. وكررنا دعوتنا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المتمادي على جنوب لبنان.

خصصنا القسم الأكبر من الإجتماع لبحث ملف النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية والتعاون بين لبنان وقبرص ودول الإتحاد الأوروبي لمعالجة هذا الملف وتداعياته المباشرة وغير المباشرة.

وفي هذا الإطار عبرّنا أولاً عن تقديرنا لتفهّم بعض دول الإتحاد الأوروبي في اجتماعه الأخير لطلب الحكومة اللبنانية، إعادة النظر في سياسات الإتحاد الأوروبي المتعلقة بإدارة أزمة النازحين السوريين في لبنان. وهذا الموقف يترجم بزيارة فخامة الرئيس والسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية.

إن لبنان تحمّل، منذ اندلاع المعارك في سوريا عام 2011، العبء الأكبر بين دول المنطقة والعالم في موضوع استضافة النازحين، مع ما شكله هذا الملف من ضغط كبير على الشعب اللبناني برمته وعلى كل القطاعات اللبنانية. وكنا حريصين دوماً على التعاون مع مختلف الهيئات والمنظمات الأوروبية والدولية في هذا الملف، إلا أن الواقع الحالي لهذا الموضوع بات أكبر من قدرة لبنان على التحمّل، خصوصاً وأن عدد النازحين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين، مع ما يترتب على ذلك من أعباء وتحديات تضاعف من أزمة لبنان الإقتصادية والمالية وتهالك بناه التحتية. والأخطر من ذلك تصاعد النفور بين النازحين السوريين، وبينهم وبين بعض المجتمع اللبناني المضيف نتيجة الأحداث والجرائم التي ارتفعت وتيرتها وباتت تهدد أمن لبنان واللبنانيين واستقرار الأوضاع فيه.

ولا يفوتني في هذا اللقاء أن أذكّر بما طرحته في كل الإجتماعات واللقاءات الدولية التي أعقدها، ولا سيما مع الإتحاد الأوروبي، حيث كنت أحذر من أن كرة النار المرتبطة بملف النازحين لن تنحصر تداعياتها في لبنان، بل ستمتد الى أوروبا لتتحول الى أزمة اقليمية ودولية. ونحن على قناعة ثابتة بأن أمن لبنان من أمن دول أوروبا والعكس، وإن تعاوننا الجدي والبنّاء لحل هذا الملف يشكل المدخل الحقيقي لاستقرار الأوضاع، مع الأخذ بعين الإعتبار الإحترام المتبادل والتعاون المثمر والوعي الأوروبي والدولي للحفاظ على الخصوصية اللبنانية التي تشكل قيمة معنوية للشرق والغرب.

إننا نرفض أن يتحوّل وطننا الى وطن بديل، وندعو أصدقاءنا في الإتحاد الأوروبي الى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذرياً وبأسرع وقت، انطلاقاً من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الإتحاد الأوروبي ودول العالم بأن مدخل الحل سياسي بامتياز.

وفي رأينا، انطلاقاً من واقع سوريا حالياً، أن المطلوب كمرحلة أولى الإقرار أوروبيا ودولياً بأن أغلب المناطق السورية بات آمناً ما يسهل عملية إعادة النازحين، وفي مرحلة أولى الذي دخلوا لبنان بعد العام 2016 ومعظمهم نزح الى لبنان لأسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح.

في هذه المناسبة نجدد مطالبة الإتحاد الأوروبي، بما كررناه على الدوام، من أن المطلوب دعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية ما يضمن لهم عيشاً كريماً في وطنهم. وإذا كنا نشدد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان بلد عبور من سوريا الى أوروبا، وما الإشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية إلا عينة مما قد يحصل إذا لم تعالج هذه المسألة بشكل جذري.

فخامة الرئيس، حضرة رئيسة المفوضية الأوروبية

إن لبنان يقدّر للإتحاد الأوروبي موقفه الجديد بدعم المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان لتمكينها من ضبط الحدود البحرية والبرية والقيام بواجباتها في منع الهجرة غير الشرعية من لبنان وإليه، ودعم المجتمعات اللبنانية ذات الحاجة، وفي الوقت ذاته تخصيص جزء من الدعم لتحفيز العودة الطوعية للنازحين السوريين.

مجدداً أرحب بضيوفنا الكرام وبإذن الله سيكون تعاوننا دائماً ومستمراً لما فيه نهضة بلداننا وأمنها واستقرارها ورفاهية شعوبها.

رئيسة المفوضية الأوروبية

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية في كلمتها: دولة الرئيس نجيب ميقاتي، أشكركم على الترحيب بالرئيس خريستودوليدس وبي هنا اليوم في بيروت.

لبنان بلد جميل ومتنوع ونابض بالحياة، مليء بالطاقة والإمكانات. إلا أنّه يواجه تحديات كبيرة محلياً، ونتيجة للتوترات والحرب في المنطقة. إنّنا نتفهم ذلك، ونحن هنا أولاً وقبل كل شيء لنقول إنَّ الاتحاد الأوروبي يدعم لبنان وشعبه بقوة. ونريد أن نستكشف سبل تعزيز تعاوننا. وكانت هذه أيضاً الرسالة الواضحة للقادة الأوروبيين في قمتنا الأخيرة. واليوم نحن هنا، بروحية عمل أوروبية موحدة، لنعيد تأكيد هذه الرسالة.

ناقشنا اليوم كيفية تعزيز علاقاتنا السياسية والإقتصادية، ودعم أمن لبنان واستقراره.

وللتأكيد على دعمنا، أودُّ أن أعلن عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان، ستكون متاحة اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027. ونحن نريد أن نساهم في الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي في لبنان.

أولاً، من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الإجتماعية والصحة للشعب اللبناني.

ثانياً، سنواكبكم في المضي قدماً بالإصلاحات الإقتصادية والمالية والمصرفية. وهذه الإصلاحات أساسية لتحسين الوضع الإقتصادي العام للبلاد في المدى الطويل. ومن شأن ذلك أن يسمح لبيئة الأعمال والقطاع المصرفي باستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتالياً تمكين القطاع الخاص من الإستثمار. إنَّ لبنان في حاجة إلى قوة دفع اقتصادية إيجابية لإتاحة الفرص لشركاته ومواطنيه.

ثالثاً، الأمن والإستقرار هما أيضاً أساسيان للإستثمار. وسندعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. وسيركز هذا البرنامج أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود. إلى ذلك، سيكون من المفيد جداً للبنان أن يبرم ترتيبات عمل مع الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، خصوصاً بشأن تبادل المعلومات والوعي بالأوضاع.

رابعاً، ولمساعدتكم في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون بإبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الإتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، نعوِّل على حُسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين.

أخيراً، نتفهم التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة استضافة اللاجئين السوريين ونازحين آخرين. ومن الأساسي ضمان رفاه اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة. فمنذ عام 2011، دعم الإتحاد الأوروبي لبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو – ليس فقط للاجئين السوريين، وإنما أيضاً للمجتمعات المضيفة، وسنستمر في دعمكم.

إلى ذلك، سننظر في كيفية جعل مساعدة الإتحاد الأوروبي أكثر فاعلية. ويشمل ذلك استكشاف كيفية العمل على نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى سوريا، بالتعاون الوثيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. في الوقت نفسه، ثمة حاجة إلى تعزيز الدعم من الأسرة الدولية لبرامج الإغاثة الإنسانية والتعافي المبكر في سوريا.

أودُّ أن أختم كلمتي بالتركيز على النزاع في غزة وتأثيره على لبنان. إنّنا نؤيد تأييداً تاماً جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقد زدنا للتو مساعداتنا الإنسانية المكثفة لغزّة. ففي نهاية المطاف، نحن بحاجة إلى عملية سلام تقود نحو حل الدولتين. إنّه الحل الوحيد الذي يمكن أن يحقق السلام والإستقرار الدائمين في الشرق الأوسط.

في غضون ذلك، يجب أن نواصل العمل من أجل تخفيف حدة النزاع. فنحن نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المتقلّب في جنوب لبنان. فما هو على المحك هو أمن كلٍّ من لبنان وإسرائيل، ولا يمكن فصل الإثنين عن بعضهما.

لذلك ندعو إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701. ويجب أن يشكل هذا جزءاً من تسوية دبلوماسية مُتفاوَض عليها. وهنا أيضاً، الجيش اللبناني أساسي، والإتحاد الأوروبي مستعد للعمل على كيفية تعزيز قدراته.

دولة الرئيس،

في الختام، اسمحوا لي أن أؤكد لكم أنَّه يمكنكم الإعتماد على دعم الإتحاد الأوروبي المستمر للبنان وشعبه. إنَّ الروابط بين لبنان وأوروبا عميقة وقوية. وهذه الروابط هي التي ستستمر في دفع تعاوننا.

رئيس قبرص

وقال رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس في كلمته: نشكر الرئيس ميقاتي على حسن الإستقبال الذي يتميز به لبنان، لبنان وقبرص جاران قريبان ونتشاطر علاقات ثنائية حارة وحميمة، وأنا أشعر وكأنني في بلدي، ويشرفني أن أكون جزءًا من هذا اليوم التاريخي لأنه يوم تاريخي بالفعل، وأشعر بسرور كبير أنه بعد إجراء مشاورات ذات صلة، أن أكون هناك مع الرئيسة فندرلاين وأن نعلن عن حزمة شاملة للبنان وللشعب اللبناني، لقد ذكرت رئيسة المفوضية أن الحزمة تتضمن مساعدات للشعب اللبناني وللجيش اللبناني والأجهزة اللبنانية، وأيضاً لمكافحة التهريب وإدارة الحدود ومراقبتها وللإقتصاد اللبناني وغير ذلك، أنا على ثقة بأن هذه الحزمة التي نعلنها اليوم سوف تعزز قدرة السلطات اللبنانية على مواجهة التحديات المختلفة، بما في ذلك مراقبة الحدود البرية والبحرية وضمان سلامة المواطنين، وأيضاً مكافحة تهريب الأشخاص ومتابعة مكافحة الإرهاب.

أضاف: أود أن أشكر العزيزة أرسولا على قيادتك، وإن استشرافك وعملك الحاسم كانا أساسيين لضمان ترجمة هذه الحزمة على أرض الواقع وعلى الإعلان عنها بسرعة، لأن التطورات في منطقتنا تحتم على الإتحاد الأوروبي الإستجابة في وقت حساس جداً، دعوني أكون واضحاً أن الزيارة اليوم والإعلان ليسا مهمين فقط من ناحية المحتوى بل إنهما مهمان أيضاً لناحية الرمزية، فاليوم إن الرئيسة أرسولا هي أول رئيسة للمفوضية تزور لبنان، إذاً هناك رمزية لهذه الزيارة، وهي أن الإتحاد الأوروبي حاضر بفاعلية وسوف يستمر بحضوره ودعمه للبنان، واليوم نحن نأخذ خطوة بالغة الأهمية لنجعل لبنان أقوى، كما أننا نتخذ خطوة مهمة من أجل أن نعزّز الروابط أكثر بين الإتحاد الأوروبي ولبنان حتى نتمكن من معالجة المشاكل بشكل أفضل للتحديات المشتركة. إن قبرص وأنا شخصياً كنت من أقوى الداعمين لتعزيز العلاقات بين الإتحاد الأوروبي ولبنان، واليوم يسرني ويسعدني أن نكون ماضين قدماً في هذا الإتجاه".

نظرنا الى قربنا الجغرافي فقد استغرقت الرحلة 25 دقيقة، إن قبرص تفهم بشكل عميق المشاكل والتحديات التي يواجهها لبنان، فتداعيات هذه التحديات والمشكلات تؤثر على قبرص مباشرة وكذلك على الاتحاد الأوروبي. إن النزاع الطويل في سوريا له آثار سلبية متزايدة على لبنان وشعبه، وفي حين بأننا نشيد بالحكومة اللبنانية لاستضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين منذ أكثر من 12عاماً فإننا أيضاً وفي الوقت نفسه ندرك تماماً التحديات الكبيرة والضخمة التي يرتبها هذا الوجود على الإقتصاد والمجتمع، وأود أن أؤكد لكم أن جهود لبنان لا تؤخذ كأنها تحصيل حاصل، وأريد أن أؤكد أيضاً أنه لا يمكننا أن نستمر في العمل وكأن كل شيء على ما يرام، إن هذه المسألة والمشكلة طويلة ويجب معالجتها بشكل فعال وحاسم وشامل، دعوني أن أكون واضحاً. إن الوضع الحالي ليس مستداماً للبنان ولقبرص وللإتحاد الأوروبي، ولم يكن مستداماً لسنوات ولكن التطورات خلال الأشهر الأخيرة أجبرتنا على السعي الى حلول فورية، وأوافق تماماً أنه يجب علينا أن نعمل بشكل أوثق وبشكل أكثر موسع مع شركائنا ومع مفوضية اللاجئين، لكي نناقش مسألة العودة الطوعية، ولكن ليس فقط ذلك، فإن الوضع في بعض المناطق في سوريا يجب إعادة النظر فيه، أنا أكرر أن هذا اليوم هو يوم تاريخي. من المهم أيضاً أن نقر أن الوضعية الحالية لا يمكن أن تكون مستدامة، وبأن السلام والإزدهار والإستقرار في لبنان سيتحقق إن وفينا بالتزاماتنا جميعاً. وأشدد في هذا السياق على أهمية العمل بشكل فعال لنعيد إطلاق النقاشات من أجل التوصل إلى خلاصات أولويات الشراكة بين الإتحاد الأوروبي ولبنان، وأيضاً تسهيل التعاون على المستويين التشغيلي والفني بين لبنان ووكالة "فرونتسك"، وأيضاً تنفيذ الإصلاحات الضرورية والعميقة بما يتلاءم مع مطالبات صندوق النقد الدولي، وأيضاً لمعالجة المسائل المتعلقة بالمساءلة، والأهم أننا في قبرص سنستمر في أن نكون داعمين لجهود لبنان. فقبرص ستدعم جهود لبنان من أجل انتخاب رئيس جديد، وهذا التطور سيشكل رسالة قوية سياسية ورمزية للتغيير وللمضي قدماً، وأنا متأكد بأن لبنان سيقوم بما عليه ونحن سنقوم بما علينا.

إن لبنان أكثر سلاماً واستقراراً وأكثر ازدهاراً أساسي لكل منطقة شرق المتوسط والجوار القريب والإتحاد الأوروبي نفسه. وأنا مؤمن كثيراً بلبنان، وقد زرته الكثير من المرات عندما كنت وزيراً للخارجية والآن كرئيس للجمهورية، وأنا أؤمن تمام الإيمان بلبنان وبالقدرة التي لا حدود لها لشعبه. فللبنان وقبرص علاقات تاريخية وقد دعما بعضهما البعض في تجاوز الصعوبات والإضطرابات في منطقتنا، وأنا متأكد بأننا سنفعل ذلك مجدداً معاً.

يعود إلينا جميعاً أن نجعل هذه بداية جديدة مليئة بالأمل وواعدة للبنان وأنا متأكد بأنها ستكون حاسمة لمستقبل أفضل للبنان والإتحاد الأوروبي، ويمكنكم الإعتماد علينا وعلى أورسولا وعلى الجيران.

الرئيس ميقاتي: همّنا الأساسي الإبقاء على هيكل هذه الدولة ومنع حصول أي تصدّع إضافي

رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السرايا اليوم، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، ووزراء: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد مكاري، الشباب والرياضة جورج كلاس، المال يوسف خليل، الدولة لشؤون التنمية الإدارية نجلا رياشي، الصناعة جورج بوشكيان، الإتصالات جوني القرم، السياحة وليد نصار، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الصحة فراس أبيض، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، البيئة ناصر ياسين، العمل مصطفى بيرم، الزراعة عباس الحاج حسن. الأشغال العامة والنقل علي حمية والإقتصاد أمين سلام.

كما شارك المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.

المقررات

في ختام الجلسة أذاع وزير الإعلام زياد مكاري المقررات فقال: في بداية جلسة مجلس الوزراء تحدث رئيس الحكومة فقال: "كم جميل أن تلتقي كل الطوائف اللبنانية في زمن صوم واحد، نرتقي فيه جميعاً إلى قيم الخير والمحبة والتسامح. هذا هو لبنان، وكلنا مسؤولون عن هذه الصورة الحضارية وإعادة النهوض بالصيغة اللبنانية وعدم السماح بإضعافها. وإن شاء الله سننجح باستمرار في هذا الموضوع".

أضاف: نشهد حالياً تحركاً لكتلة الإعتدال و"اللجنة الخماسية"، وبمثل ما نقدّر اهتمام اللجنة الخماسية من السفراء وأصدقاء لبنان بالحرص على إنجاز الإستحقاق الدستوري وبإنتخاب رئيس للجمهورية، فإني أؤكد باسمي وباسم مجلس الوزراء وجوب الإسراع بإستكمال عقد المؤسسات الدستورية. المسؤولية الأولى والأساسية في هذا الإستحقاق تبقى علينا نحن اللبنانيين ولا يجوز أن تعيق الخلافات الداخلية أولوية العمل على اكتمال عقد المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس جديد للبنان.

وأعلن دولة الرئيس: بالأمس تابعت أحدهم يتحدث عن قانون هيكلة المصارف والقوانين الإصلاحية، فأجاب أن الموضوع سهل عملياً ولكن صعوبته هي في السياسة.

الأزمة السياسية هي التي  تنعكس سلباً على الإقتصاد والإستقرار الإقتصادي والإجتماعي المطلوب. ونحن في الحكومة همّنا الأساسي الإبقاء على هيكل هذه الدولة ومنع حصول أي تصدّع إضافي في بنيته الى أن يتحقق الوفاق السياسي الذي يتيح إجراء الإصلاحات المناسبة. نحن على استعداد للقيام بالإصلاحات المطلوبة، ولكن المشكلة أن هناك تيارات سياسية عدة في البلد، منها من يريد انهيار الدولة بشكل كلي، وبعضها ربما يسعى للمساعدة في إعادة بناء الدولة والبعض الآخر يسعى للحفاظ على الدولة ومؤسساتها.

وقال: "انشغالاتنا الداخلية، لا تنسينا أهوال الحرب على غزة والإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وسقوط الشهداء و تدمير البلدات  والمنازل وحرق المحاصيل وتهجير الأهالي. وسنظل نعمل للإتفاق على هدنة وإيقاف حرب التدمير والإبادة وعودة أبناء الجنوب الى بلداتهم وقراهم رغم كل ما يحصل. وإننا على ثقة بأن الهدنة التي يجري العمل عليها في غزة ورغم نبرة التهديدات العالية التي تطلقها إسرائيل، ستشمل دول المنطقة ونشهد استقراراً طويل الأمد".

وأضاف: وحدتنا هي بقوتنا. ودعوتي للقيادات والمرجعيات و الكتل والأحزاب، لأن تتبصّر بما كان عليه لبنان من ازدهار وتقدّم ، وما نحن عليه اليوم، وأن نضع أيادينا معاً لإنقاذ بلدنا والإرتقاء به من جديد، رغم كل الظروف والتحديات التي تواجهنا.

وتابع وزير الإعلام: في خلال الجلسة، ولدى طرح البند المتعلق بطلب وزارة المالية البت في الخلاف الحاصل في المجلس الأعلى للجمارك بشأن تعيين الخفراء الناجحين في المباراة التي أجريت للتطويع لصالح الضابطة الجمركية، تحدث رئيس الحكومة فقال: "لا أسمح بنقل الخلاف الذي حصل في المجلس الأعلى للجمارك الى مستوى الوزراء. كما لا أسمح باستغلال هذا الموضوع من أي طرف كان أو أي تيار سياسي بلغة شعبوية سعياً لتحقيق مكاسب وتسجيل النقاط.

إنني الأحرص على معالجة هذا الموضوع من منطلق الحرص على الجميع، وعلى الوحدة الوطنية، وتجنّباً لحصول أي خلاف على أي مستوى داخل مجلس الوزراء، خاصة أن الموضوع له خلفيات طائفية، طلبت المزيد من الدرس مع التأكيد على قرار مجلس الوزراء السابق. وأدعو الجميع الى مقاربة الملف بموضوعية بعيداً عن الإستغلال الطائفي البغيض".

أسئلة وأجوبة

ورداً على سؤال عن اتهام النائب جبران باسيل الوزراء المسيحيين ووزراء حزب الله وحركة أمل بضرب الأعراف في حكومة غير الشرعية في حال أقر ملف الخفراء في الجمارك، أجاب مكاري: عندما تكون الحكومة غير شرعية وإذا كان يراها باسيل كذلك، فعليه ألا يرسل بنوداً خاصة بوزرائه لكي يقرها مجلس الوزراء. يستطيع أن يشارك فيكون  ذلك أفضل في ظل هذه الظروف وعلى "التيار الوطني الحر" أن يشارك في الحكومة، لأن عدم المشاركة قلة مسؤولية".

ورداً على سؤال عن الطوابع المالية قال: كلف مجلس الوزراء وزير المالية بإعداد دراسة حول هذا الموضوع.

وزير الزراعة

وتحدث وزير الزراعة عباس الحاج حسن فقال: "وضعت مجلس الوزراء اليوم في آخر الإحصاءات التي نقوم بها كوزارة زراعة في ما خص الإعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وعلى كل لبنان، أكان على صعيد الثروة الحرجية والنباتية والحيوانية. كما وضعت المجلس في مسألة الأمن الغذائي وتحديداً من بوابة القمح وتخزين القمح، وأتحدث عن الشق المختص بوزارة الزراعة. كانت لي زيارة الى الأردن وشاهدت كيفية تخزين القمح أفقياً، هذه العملية وضعتها أمام مجلس الوزراء حتى يصار الى أخذ رأي والبت بها لأنها غير مكلفة ونحتاجها لتخزين محاصيلنا الغذائية، وهنا أتحدث كوزارة زراعة بعيداً عن القمح المعد للطحين والمستورد الذي هو من اختصاص وزارتي الإقتصاد والأشغال العامة والنقل".

وأضاف: أعليت الصوت مجدداً في ما خص مأموري الأحراش، وقد مضت سبع سنوات ونحن ننتظر هذا الملف الأساسي والمركزي، لأن غاباتنا تتعرض للقطع الجائر، وكانت هناك جلسة مع دولة الرئيس ميقاتي الأسبوع الماضي في ما خص هذا الملف، لوضع آلية توائم بين حاجات الناس وحاجتنا الى غاباتنا وأشجارنا المثمرة وغير المثمرة. ولقد وضعت الحكومة في خطة وزارة الزراعة ليكون لدينا العام المقبل نحو 2 مليون غرسة من إنتاج مشاتلنا، وهذا الأمر يحتاج الى الدعم من الحكومة اللبنانية ووعدنا بهذا الأمر وهو على السكة الصحيحة.

ووضعت مجلس الوزراء في القرار الذي اتخذ في وزارة الزراعة في ما خص اللجنة الوطنية للفوسفور الأبيض، لأن العدو الإسرائيلي كما تعلمون يقصف أراضينا بالفوسفور الأبيض، ونحن مواكبة لهذا الأمر،  وحرصاً منا عليه تم إنشاء  لجنة من وزارة الزراعة ومعهد البحوث العلمية الزراعية وسائر  الوزارات والجيش اللبناني.

وأشار الوزير الحاج حسن الى الحاجة إلى التضامن الوطني والوحدة الوطنية في كل الملفات السياسية والإقتصادية والملف الزراعي.

وزير الأشغال

وتحدث وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية فقال: "أخيراً وبعد طول انتظار بالنسبة إلى نفق شكا الذي أصابه الإنهيار والذي تم اتخاذ قرار في العام 2019 لصيانته، وهذا لم يحصل نتيجة تدهور قيمة العملة الوطنية، لذلك، وبناء على ما تقرر في  مجلس الوزراء ستقوم وزارة الأشغال العامة والنقل بتمويل المشروع بالكامل من المبالغ المتوفرة لصيانة الطرق، وسنقوم بتحويل الأموال الى الهيئة العليا للإغاثة، وإن شاء الله تبدأ الأعمال الأسبوع المقبل لمعالجة الإنهيار في النفق.

أما بالنسبة الى مطار رفيق الحريري في بيروت فهناك تشويش على كامل الأجواء في شرق المتوسط ومن ضمنها الأجواء فوق مطار الرئيس رفيق الحريري في  بيروت، وتم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بإرسال شكوى بشأن هذا الموضوع الى الأمم المتحدة. كما تم اليوم إقرار اعتماد مالي للجيش اللبناني لمؤازرة المديرية العامة للطيران المدني بالنسبة للمراقبين الجويين، وسيتم تزويد الملاحة الجوية بنحو 15 ضابطا من الجيش اللبناني وتم تأمين التمويل اللازم له.

كلاس

واعتبر وزير الشباب والرياضة جورج كلّاس أنه يحتكم إلى ضميره ومسؤوليته الوطنية في مقاربة و معالجة أي قضية يتم طرحها، وأن مواقفه تأتي في نطاق احترام العيش التفاعلي الذي تتكامل معه قيم الجماعات.

وشدد كلاس على أهمية الشباب في دعم مستقبل الوطن، ودعاهم إلى الإنخراط في القطاعات الإدارية والعسكرية، لأن لبنان الغد هو لهم وهم مؤتمنون على الحفاظ على صورة الوطن و كيانيته.

الرئيس ميقاتي: جعل منطقتنا مكاناً للسلام يتطلب وقف العدوان الإسرائيلي وإلزام إسرائيل تطبيق القرارات الدولية

ألقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة في "المنتدى العربي للتنمية المستدامة" بيت الأمم المتحدة - الاسكوا، جاء فيها:

يسعدني أن أكون بينكم اليوم لمناسبة انعقاد "المنتدى العربي للتنمية المستدامة"، الذي يحمل هذا العام شعار "العمل من أجل الاستدامة والسلام".

ويسرني بداية أن أجدد اعتزازنا بأن يحتضن لبنان منظمة الإسكوا، وأحيي الدكتورة رولا دشتي الأمينة التنفيذيّة للإسكوا، على ما تبذله من جهود بناءة على رأس هذه اللجنة لدعم جهود التنمية في بلداننا عموماً ولبنان خصوصاً.

إن وجود الإسكوا في لبنان، كما سائر منظمات الأمم المتحدة، والتعاون القائم بينها وبين الحكومة اللبنانية ومختلف المؤسسات ذات الصلة، يؤكد مجدداً أن لبنان كان وسيبقى، بإذن الله، نموذجاً للديموقراطية والحرية والإنفتاح والإعتدال والعيش المشترَك وحوار الأديان والثقافات، وبالدرجة الأولى سيبقى منطلقاً للرؤى التنموية والخطط المستقبلية، مهما واجه من أزمات ومصاعب وحروب.

إن لبنان، لكونه جزءًا من هذه المنطقة، يقف أمام تحديات كبيرة، ولكننا واثقون من قدرتنا على الوقوف معاً وتحقيق التنمية المستدامة والسلام في المنطقة.


نحن نشجع كل الأطراف على التعاون والعمل المشترك، من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة. فالتغييرات المصيرية التي تمر بها منطقتنا العربية هي خير دليل على إرتباط العدالة الإجتماعية بمفهوم التنمية المستدامة والمتوازنة، لأنه، إذا عجزت السياسات والبرامج الإنمائية عن إدماج قضايا ومتطلبات الشعوب المعيشية والثقافية والإنسانية، لا يمكن الحصول على تنمية عادلة ومستدامة. ومن هنا تأتي أيضاً أهمية موضوع توفير التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في تنمية القطاع الخاص، مما يعزز النمو المستدام والشامل للجميع ويلعب دوراً مباشراً في توفير فرص العمل التي نحن في حاجة ماسة إليها في منطقتنا.

إن عملنا معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لأجيالنا الحالية والمستقبلية، ولنجعل من منطقتنا مكاناً للسلام والازدهار، يتطلب أولاً وبكل وضوح وقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وغزة، والإنطلاق نحو الخيار السلمي وإلزام إسرائيل بتطبيق القرارات الدولية ولا سيما القرار1701، وكل القرارات المتعلقة بلبنان والإنسحاب من كل الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة.

هذا الواقع يشكل ضغطاً كبيراً على لبنان، ويقتضي رفع الصوت لمطالبة المجتمع الدولي بوقف ما يحصل وردع العدو الإسرائيلي، والعمل على توفير الحلول السلمية لمشكلات المنطقة، وأولها وأبرزها القضية الفلسطينية، التي لم تنطفئ شعلتها رغم كل ما تفعله إسرائيل لطمسها قتلاً وتدميراً وإبادة.

تقدّم لبنان في الأسبوع الماضي بالوثيقة النهائية لمسار التحوّل في النظام الغذائي الوطني لمركز الأمم المتحدة لتنسيق النظم الغذائية، وذلك للمرة الأولى في تاريخه، وقد أنجز خلال فترة  قياسية. تشكل هذه الوثيقة رؤية حية ترسم مسار تحوّل النظم الغدائية في لبنان، وتشكل أرضية للتشبيك بين مختلف القطاعات المعنية، وهي أداة تنفيذية لأجندة التنمية المستدامة. وفي مسار موازي تقدمت النائب الدكتور عناية عز الدين باقتراح قانون الحق في الغذاء، الذي يرمي إلى ضمان وحماية حق الوصول إلى الغذاء، الذي يساهم في تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير فرص متساوية للجميع للوصول إلى الغذاء الكافي والصحي لجميع الأفراد من دون تمييز، كما يساهم في وضع أسس تشريعية لتسريع تنفيذ أجندة التنمية المستدامة.

ختاماً أقول، أشكركم جميعاً على حضوركم، وأتمنى لإجتماعكم كل النجاح والتوفيق، وللضيوف الكرام طيب الإقامة في لبنان، والسلام عليكم.

الرئيس ميقاتي يدعو الى عودة الجميع الى طاولة مجلس الوزراء من دون تشنجات أو حملات

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أن من يقصي نفسه ويغيّب حضوره لا يمكن له أن يحمّل المسؤولية لمن يقوم بتسيير شؤون الوطن والعباد"، داعياً "الجميع للعودة الى طاولة مجلس الوزراء من دون تشنجات أو حملات ولتطرح كل المواضيع للنقاش العلمي الهادئ بعيداً عن الحملات السياسية والمواقف التي لا تفيد وملّها الناس لكثرة تردادها بطلاناً وزوراً".

وكان رئيس الحكومة يتحدث في خلال رعايته إطلاق "الخطة الإستراتيجية للحماية الإجتماعية في لبنان" اليوم في السرايا، في حضور وزراء الشؤون الإجتماعية هكتور حجار، العدل هنري خوري، الإقتصاد والتجارة أمين سلام، الزراعة عباس الحاج حسن، الصحة فراس الأبيض، الإتصالات جوني القرم، المال يوسف خليل، التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، والنواب فريد البستاني، هاغوب بقرادونيان، عناية عزالدين، بلال عبد الله، وإبراهيم الموسوي، سفيرة الإتحاد الأوروبي ساندرا دي ول، سفير هولندا هانس بيتر فاندر وود، النروج مارتن يترفيك، سلطنة عمان أحمد محمد السعيدي، المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، ممثل اليونيسف إدوارد بيجبيدر، المسؤولة الإقليمية لمنظمة العمل رولا جردات، وشخصيات.

كلمة الرئيس ميقاتي

وقال كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: في خضم التطورات التي نعيشها وأخطرها ما يحصل في جنوب لبنان من انتهاكات صارخة لسيادة البلد وعدوان على أهله وأرضه، يجد البعض الفرصة متاحة له ليفتعل سجالات عقيمة تأخذ البلاد الى متاهات في غنى عنها، لا سيما عبر اتهامنا اتهامات باطلة. وفي هذا المجال أعود وأكرر أن من يقصي نفسه ويغيّب حضوره لا يمكن له أن يحمّل المسؤولية لمن يقوم بتسيير شؤون الوطن والعباد.

وفي حضور معالي الوزراء اليوم ومعظمهم هنا، أكرر دعوة الجميع الى العودة للتعاون كما حصل اليوم في هذه الإستراتيجية لما فيه رفاهية المواطن. فلتكن المرحلة المقبلة للتعاون بعيداً عن السلبية المطلقة وعودة الجميع الى طاولة مجلس الوزراء من دون تشنجات أو حملات، ولتطرح كل المواضيع للنقاش العلمي الهادئ بعيداً عن الحملات السياسية والمواقف التي لا تفيد وملّها الناس لكثرة تردادها بطلاناً وزوراً.

وعن المناسبة قال: يسعدنا أن نلتقي اليوم هنا في السرايا، لإطلاق الخطة الإستراتيجية للحماية الإجتماعية في لبنان، ولا بد من التنويه بداية بالجهود التي تبذلها المنظمات الدولية العاملة في لبنان لإنجاز هذا المشروع بالتعاون والتنسيق مع وزارة الشؤون الإجتماعية ومختلف الهيئات الرسمية اللبنانية. في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان، سياسياً وأمنياً وإقتصادياً، يبدو الحديث عن خطة استراتيجية للحماية الإجتماعية أمراً غير واقعي في البداية. ولكن في الحقيقة، فإن هذه الأوضاع تتطلب منا إبتكار حلول إستثنائية لحماية الفئات الإجتماعية المهمشة والمحتاجة والحفاظ على الطبقة الوسطى التي تشكل الوازن الفعلي داخل المجتمع. ولذلك، تعمل الحكومة بالتعاون مع المؤسسات الدولية على وضع خطة إستراتيجية للحماية الإجتماعية في لبنان. وقد شكل هذا الموضوع هدفاً أساسياً من الأهداف التي سعينا لتحقيقها على مدى أكثر من عامين من تولّينا المسؤولية. وبعد جهود مضنية من الوزارات المختصة، بصورة أساسية وزارة الشؤون الإجتماعية، بالتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية، توصلنا الى وضع العناوين الرئيسية لهذه الخطة والسبل الى تنفيذها وترجمتها على أرض الواقع.

أضاف: إسمحوا لي أيها الحضور الكريم أن أقول لكم إن هاجسنا في هذه الخطة لم يكن العمل على جعلها مشروعاً لطلب المساعدة من الجهات المانحة، بل لتحويلها الى قوة دفع لتأمين فرص عمل لأوسع شريحة إجتماعية، لأن في ذلك إطلاقاً لعجلة الإنتاج على المستوى الوطني وتخفيفاً لأعباء الحماية الإجتماعية عن كاهل الدولة المثقل بالكثير من الأمور. وقد حرصنا في تحديد الجهات المستهدفة من هذه الخطة بأن تكون فقط لبنانية، أما الجهات غير اللبنانية التي تحتاج للحماية الإجتماعية من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين فتتولى أمرهم الجهات الدولية المعنية بشؤونهم.

الوزير حجار

وقال وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار في كلمته: لقاء اليوم، هو لقاء البداية، البداية نحو إعلان إلتزام الدولة اللبنانية بكافة أجهزتها الحكومية بإتخاذ الإجراءات الضرورية والكفيلة بتنفيذ جميع مكونات الإستراتيجية، وتخصيصها ضمن الموازنات، لقاء اليوم، هو إعلان لتعهد شخصي كوزير للشؤون الإجتماعية أن أرفع الصوت عالياً في جميع المحافل - ولا سيما في المجلس النيابي - دعوةً لتطبيق كافة مندرجات الإستراتيجية، لقاء اليوم، هو للإصرارعلى كسر جميع الحواجز والعوائق التي تحول دون النهوض بمكونات الدولة وتحديداً المكّون الإجتماعي، بهدف تدعيم البنى والهياكل الإجتماعية لصالح الفئات الأكثر تهميشاً، ولتحسين نوعية  الحياة وصولاً الى العيش اللائق بالمواطن اللبناني الذي يستحق منا كل سبل الدعم والمساندة.

وقال: نفتخر اليوم، أننا كوزارة شؤون اجتماعية، سعينا من قبل وعملنا على تضمين توجهات ورؤية هذه الإستراتيجية في البرامج والأنشطة التي نعمل عليها،  وقد تجلى هذا السعي من خلال العمل على دمج برنامج دعم الأسر الأكثر فقراَ( NPTP ) الذي يستهدف ما يقارب 75 ألف أسرة  وبرنامج شبكات الأمان الاجتماعي (ESSN  ) الذي يضم ما يقارب 93500 أسرة في برنامج واحد وبالتالي إستهداف ما يقارب 168500 أسرة في لبنان من الفئات الأكثر حاجة، مروراً ببرنامج منحة ذوي الإعاقة، وصولاً الى الغاية الأسمى من عملية الدمج هذه، وهو السجل الإجتماعي الموحد لجميع المواطنين. ومن هذا المنبر، نثمّن إلتزام الدولة اللبنانية بالمشاركة بتمويل برامج الدعم الإجتماعي وقد خصصت موازنة العام 2024 هذه المشاريع بمبلغ 600 مليار ليرة لبنانية.

وقال: لأننا كوزارة نسعى دائماً الى تطوير وتحسين البرامج والخدمات التي نقدمها الى الفئات الإجتماعية كافة، وفي سياق منسجم أيضاً مع روحية الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية، نجري حالياً ورشة إصلاحية لإعادة صياغة رؤية جديدة للوزارة في ما خص خدمات رعاية الأطفال والنساء وسائر أفراد الأسرة بالتعاون مع منظمة اليونيسف. واليوم نقول، إن هذه الإستراتيجية ما كانت لتبصر النور لولا الجهود الجبارة التي بذلت من جميع الشركاء وعلى رأسهم الحكومة ممثلة بوزرائها المعنيين كل حسب إختصاصه، كما المنظمات الدولية وأخص بالذكر منظمة اليونيسف في لبنان ومنظمة العمل الدولية، حيث التعاون الإيجابي مع وزارة الشؤون الإجتماعية وكافة الإدارات والوزارات المعنية بتطبيق الإستراتيجية لناحية توحيد الجهود لمراجعة ولبننة الصيغة النهائية لها لتصبح أكثر ملاءمة للواقع اللبناني. وهنا، لن ننسى دور المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في لبنان الشريك الفاعل والداعم في مسيرة بناء الدولة بحيث تكون جزءاً من هذا النظام وأن تكون المساهم الحقيقي في رفد هذا النظام وتطويره. ما يهمنا  قوله، أن وزارة الشؤون الإجتماعية من خلال قيادتها لهذا الملف حريصة ومنفتحة على كل الوزارات والمبادرات إيماناً منها بأن إستراتيجية الحماية الإجتماعية تقع على عاتق ومسؤولية الدولة اللبنانية وليس من مسؤوليات وزارة الشؤون الإجتماعية فقط .

وقال: مع إطلاق الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية، نكون قد وضعنا أنفسنا على أولى درجات سلم النهوض بأوضاع الفئات المهمشة الى مستوى نيل أبسط حقوق الإنسان المتوجبة على الدولة اللبنانية تأمينها. لكن هذا لا يعني أننا أنجزنا العمل وقمنا بالواجب وأزحنا الحمل عن أكتافنا ورمينا المسؤولية على غيرنا. لشركائنا الدوليين نقول: تبقى العبرة في التمويل، إذ أننا لا نطمح لإنشاء مشروع استراتيجية يبقى مشروعاً ما لم يتم مدّه بالتمويل الواجب، وما لم تؤخذ معاناة الدولة اللبنانية في تأمين الحماية الإجتماعية لمواطنيها، وهي المسؤولة عن تأمين الحماية أيضاً للاجئين والنازحين من غير اللبنانيين، على محمل الجدّ والبحث العميق في إيجاد المخارج السليمة لهذه المعضلة، وإننا إذ تزداد ظروفنا سوءًا، نجد أن الدعم المالي للبنان يضعف ليضمحلّ في الوقت الذي يُفترض أن يزداد ويكبر، توافقاً مع تفاقم الحاجة وازدياد الضغط على الدولة اللبنانية.

وقال: المعركة الحقيقية بدأت اليوم للحفاظ على أدنى هذه المكتسبات، فلا رجوع الى الوراء، ولا عودة الى نظام إجتماعي مجتزأ وفُتات تقديمات دون أساس منهجي، بل نحو مأسسة نظام مستدام للحماية الإجتماعية قائم على الحقوق وقادر على الإستجابة للصدمات، يحقق الإدماج الإجتماعي ويحد من إنعدام المساواة، ويعزز الإنتقال الآمن للفئات الضعيفة في مختلف مراحل دورة الحياة، ويبقى الأهم هو إعادة بناء الثقة بمؤسسات الدولة وتعزيز دورها  في إدارة شؤون مواطنيها وتحقيق العدالة الإجتماعية. العالم بأسره يفسح الطريق أمام الشخص الذي يعرف ماذا يريد ويفعل ما يضمن وصوله لهدفه.

ممثل اليونيسف

واعتبر ممثل اليونيسف إدوارد بيجبيدر أن هذه الإستراتيجية هي حجر الأساس في عملية الإصلاح وإلتزام صلب تجاه الإصلاحات الاجتماعية، وهي لم تكن ممكنة لولا إلتزام الجهات المانحة بحماية ورفاه لبنان. واعتبر أنه بفضل إلتزام الحكومة تم تطوير الإستراتيجية الجديدة، لتشكل منصة صلبة للحماية الاجتماعية، لتحل محل المقاربات المجتزأة. وبعد أن عدّد محاور الإستراتيجية أشار الى أن توتر الأوضاع في الجنوب زاد الضغط على الحكومة والناس، ونحن نريد تقديم الدعم للبنان ليتمكن من امتصاص الصدمات.

جردات

أما ممثلة منظمة العمل الدولية ربى الجردات فاعتبرت أن إنجاز هذه الإستراتيجية هو إنجاز كبير وجهد وطني قادته اللجنة الوطنية بمساعدة من منظمة العمل الدولية واليونيسف وبدعم سخي من الإتحاد الأوروبي وفنلندا، وهي تشكل عقداً إجتماعياً جديداً يسمح بإنشاء نظام إجتماعي متكامل يستند على خمس ركائز، كما أنها قادرة على حشد الدعم. وأعلنت بأن الجهود ستركز في المرحلة المقبلة على تفعيل هذه الوثيقة ووضع خطط تنفيذية لها، مشيرة الى استعداد منظمة العمل لدعم ومساعدة الحكومة على تحويل هذه الوثيقة لواقع ملموس.

ريزا

أما المنسق المقيم للأمم المتحدة عمران ريزا، فاعتبر أن إطلاق هذه الوثيقة هو إلتزام من لبنان بالإصلاحات الإجتماعية ومدماكاً للتعافي، وأن اعتمادها يشكل تغييراً كبيراً في صناعة القرار مع الإبتعاد عن الأنظمة المجزأة الى نظام متكامل للحماية الإجتماعية. وأثنى على عمل الحكومة على إدخال الإصلاحات في صلب الإستراتيجية وأشار إلى أنه سيدعم عملية التنفيذ بقوة.

سفير هولندا

وأشار سفير هولندا هانس بيتر فاندر وود الى "أن هذه الإستراتيجية تؤكد حق الجميع بمعايير متساوية للعيش بكرامة والحصول على الحقوق الأساسية للحصول على الطعام والتعلم والخدمات الإجتماعية. وقال: نركز على الحماية الإجتماعية وضرورة مواءمتها مع مختلف البرامج الموجودة وهي شاملة، تقدم الحماية للبنانيين ولغير اللبنانيين المقيمين في لبنان. وأعلن أن هولندا والمجتمع الدولي يدعمان لبنان، ونقوم بذلك بالشراكة مع الحكومة اللبنانية.

سفيرة الإتحاد الأوروبي

واعتبرت سفيرة الإتحاد الأوروبي ساندرا دو وال أن اعتماد الإستراتيجية أمر مهم لاستقرار لبنان ولتماسكه الاجتماعي، ومن دونها لا يمكن إيجاد الحلول لكثير من الأزمات. وأن اعتمادها مؤشر على أنه عندما تكون هناك إرادة نجد الوسيلة، وهذا يثبت بأنه بإمكان الحكومة إتخاذ إجراءات رغم الخلافات السياسية والمصالح المتضاربة.

وأعلنت "لقد أعجبت بالعرض الذي يظهر إلتزاماً وإنخراطاً كبيراً من الحكومة للتنفيذ، ولكن الإستراتيجية تبقى ناقصة من دون إصلاحات هيكلية". وأشارت الى دعم الإتحاد الأوروبي لهذا القطاع بمبلغ قدره 65 مليون دولار.

نشاط السرايا

وكان  رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إجتمع مع وزير الصحة فراس الأبيض في السرايا اليوم.

وقال وزير الصحة: تم البحث بمواضيع تتعلق بالصحة وبموازنة الوزارة وكيفية معالجة مواضيع الإستشفاء والدواء، وأردت أن أضع الرئيس ميقاتي في صورة الأوضاع خصوصاً وأن هذه المواضيع تحتاج إلى بعض المراسيم من مجلس الوزراء. كما بحثنا في شكل عام في تناقص الموازنات المخصصة لنا من المنظمات الأجنبية، والتي يمكن أن يكون لها انعكاس على قطاع الصحة في لبنان، مع تناقص التغطية لجزء من الناس المقيمة في لبنان، ومدى تأثيرها على الحاجات الصحية للناس، وكيفية معالجتها.

الخير

واستقبل الرئيس ميقاتي النائب أحمد الخير في حضور الأمين العام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر.

وبعد اللقاء أوضح خير أن الإجتماع كان لبحث المواضيع الإنمائية الخاصة بمنطقة المنية الضنية، كما جرت مراجعة بعض المشاريع الإنمائية للمنطقة.

الإسكوا

واستقبل الرئيس ميقاتي المديرة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي وتم خلال اللقاء بحث مشاريع التعاون المشتركة.

الجامعة اللبنانية

واستقبل الرئيس ميقاتي رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران.

إطبع


الرئيس نجيب ميقاتي لـ «الأمن العام»:

ـ أشعر بقرار دولي ومظلة يضمنان الاستقرار في لبنان
ـ لا تعويم للحكومة في الدستور واتفاق الطائف
ـ لنكف عن فرض الشروط ونذهب الى حكومة لا تعزل أحداً

الجمعة، ٠٣ كانون الثاني، ٢٠١٤

للرئيس نجيب ميقاتي ان يذكر ويتذكر طويلا، وان يُدوّن له يوما، انه رئيس اطول الحكومات المستقيلة عمرا. انقضى على استقالته اكثر من تسعة اشهر، الا انه لا يزال في الحكم. على رأس الحكومة الاكثر جدلا منذ عام 2005 حتما، ومنذ وضع اتفاق الطائف موضع التنفيذ عام 1990 في احسن الاحوال كاحدى حالات استثنائية. سيكون من المتعذر العثور في حقب الحكومات المتعاقبة على شبيهة بها. جاء بها اضطراب محلي واقليمي. رئيسها ليس رئيس الغالبية الحكومية، الا انه حمل مفتاح استمرارها ومغادرتها حتى فاجأ الغالبية بالاستقالة. على نقيض ما شاع عن تأليف الحكومات، في العقود الاخيرة، لم تكن حكومته حكومة وحدة وطنية. ولا حكومة اكثرية مستبدة. رفع شعارا غير مسبوق تحتاج مجاراته الى كثير من التبرير والاختبار والامتحان الصعب، هو الوسطية في ائتلاف حكومي  ليس كذلك ولا يرجح كفتها.

في الايام الاخيرة من سنة 2013، وقد حملت تحديات صارمة لحكومته، اجرى الرئيس ميقاتي، في حديث شامل الى "الامن العام"، جردة اشهر اختلطت فيها المآزق السياسية بالاضطرابات الامنية، وخصوصا في مسقطه، فقال ان ما تطلبه طرابلس هو الامن اولا. اعرب عن شعوره بقرار دولي ومظلة تحمي الاستقرار في لبنان، الا انه وقف على طرف نقيض من تدخل الافرقاء اللبنانيين في الحرب السورية. قال ان تداعياته سلبية، ولن تفضي مشاركة هذا الفريق او ذاك الى تعديل مسار الحرب تلك. اسهب في الكلام عن ملف النازحين السوريين والاعباء التي يتحمل لبنان وزرها، مبديا خيبته من المجتمع الدولي اذ لم يستجب حاجات الدولة اللبنانية وقدراتها في رعاية النزوح السوري، داعيا الغرب في الوقت نفسه الى بذل جهود لانشاء مخيمات في اماكن آمنة داخل الاراضي السورية. في الاستحقاق الرئاسي لزم رئيس الحكومة التحفظ، وآثر انتظار المهلة الدستورية.

حاورت "الامن العام" الرئيس ميقاتي كالآتي:

* مرت تسعة اشهر على استقالة الحكومة. كيف تصف دولة الرئيس التجربة التي لم يعشها احد من قبل؟ هل صحيح اننا نعيش تجرية الحكومة المستقيلة والحكومة المستحيلة؟

ـ في نهاية عام 2013 تكون مرت تسعة اشهر على هذه التجربة. بصراحة مطلقة اتذكر، واذكر الجميع انني عندما استقلت قلت في كتاب الاستقالة ما حرفيته "عسى ولعل ان تشكل هذه الاستقالة ثغرة في الحائط المسدود في الحياة السياسية اللبنانية". اعرف ان اللبنانيين يهتمون بالسياسة ويرتاحون الى التغيير ويتطلعون الى الوجوه الجديدة واناس جدد. قلت حتما سنمر عندها في فترة يسأل فيها الجميع، من هم الوزراء وكيف ستوزع الحقائب وما هو البيان الوزاري، فتتحرك الحركة السياسية التي شلها الإستقطاب السياسي الكامل في الفترة الاخيرة. اعتقدت يومها ان هذه الامور ستتم  بسرعة. وفعلا رأينا كيف تم التكليف بسرعة نسبيا، ولم ينقضِ اكثر من اسبوعين بين الاستقالة والتكليف، فضلا عن الاجماع الذي رافق التكليف. اعتقدت ان تشكيل الحكومة سيتم بسرعة ايضا الى درجة انني اقمت في الاسبوع التالي حفلة لموظفي السرايا وودعتهم، على اساس ان الحكومة ستشكل بين ليلة وضحاها. من الناحية الادارية اصدرت تعميما شددت فيه على ادارة تصريف الاعمال، وتشددت في ان تكون عملية تصريف الاعمال صارمة، باضيق تفسير يمكن ان يتم. كل ذلك ترافق مع اعتقادي ان القضية ستمر في اسابيع. اليوم صار لنا تسعة اشهر.

* ما الذي يعيق تشكيل الحكومة الجديدة؟

ـ في السياسة شيء اسمه الواقعية لئلا اقول الوسطية او الاعتدال. وهي في منزلة ما بين منزلتي الوسطية والاعتدال. بمقدار ما يكون الانسان واقعيا يضع نفسه مكان كل طرف يفاوضه كي يصل الى حل معين. عندما نفتقد هذه الواقعية السياسية لا يمكن ان نصل الى حل. العكس صحيح. لكنني اعتقد اليوم ان السبب الحقيقي الذي يؤخر تشكيل الحكومة، ان كل فريق يتشبث برأيه، ولا يتطلع الى الوضع بواقعية. لسنا في سويسرا، وعلى الجميع ان يعي الوضع القائم في البلاد لنتسابق على الحل بدلا من السباق على رفع السقوف. لنتسابق ونتعاون لتوفير الحل للبلد سوية، ونكون واقعيين فنتنازل عن الشروط والشروط المضادة ووقف كل مسعى او جهد يبذل لعزل فريق لآخر. لبنان، وجيلنا الذي عاش منذ عام 1975 الى اليوم، تابع كيف بدأت الازمات وكيف انتهت، وشهد ما يؤدي اليه اي مشروع للعزل. هذه المواضيع يجب ان تدفعنا الى الجلوس معا، ويقبل بعضنا بعضا ونحل القضايا الاساسية. من هنا الحديث عن حكومة مستقيلة وحكومة مستحيلة. اعتقد اننا عندما نكون امام المصلحة الوطنية فلا مستحيل.

*اين اصبحت مساعيك لعقد جلسة لمجلس الوزراء، وما هي الملفات التي تراها ملحة للبت؟

ـ من هذا المنطلق بحثنا في الموضوع، فأخذ علينا البعض انها محاولة لتعويم الحكومة. ليس في اتفاق الطائف ما يسمى تعويم حكومة، ولا توجد كلمة في الدستور تقول به، ولا نستطيع تعويم الحكومة بعد الطائف. لذلك فان الحديث عن تعويم حكومة، وان باي شكل من الاشكال، غير وارد. لكن هناك مصالح الناس. انتقدنا البعض وقال اننا نتقاعس عن دعوة مجلس الوزراء للبحث في قضايا اساسية، والبعض الآخر انتقدنا فخامة الرئيس وانا باننا نتوسع في اعطاء الموافقات الإستثنائية. اقول للجميع، بدلا من ان تنتقدوا، لنجلس ونبحث في الموضوع. عندما بدأنا البحث من جديد استقبلتنا الانتقادات في الصحف قبل ان نبدأ، ووضعت لنا الشروط للبحث في جدول الاعمال. عندئذ قررت التريث.

* قال البعض ان اجتماعا لمجلس الوزراء يعرقل مساعي الرئيس المكلف ومهمته؟

ـ بالعكس، هذا النوع من العمل يشكل نداء وحافزا لتشكيل حكومة جديدة.


القديم والجديد في طرابلس

* طمأنت اللبنانيين والمغتربين في اكثر من مناسبة الى ان الوضع الامني في لبنان لا يزال مقبولا. على مَ استندت والوضع في طرابلس ومناطق اخرى يهتز يوميا وهاجس السيارات المفخخة والانتحاريين لا يفارقنا؟

ـ نحن في لبنان ـ لسؤ الحظ  اكرر ذلك دائما ـ  نتكل على التصور الخارجي بالنسبة الى وطننا  اكثر مما نتكل على نظرتنا ومسؤولياتنا الوطنية. اشعر اليوم بوجود قرار دولي يضمن الاستقرار في لبنان. هذا القرار ـ واقول ذلك صراحة وبتواضع ـ كنت قد ساهمت فيه وسعيت اليه في كل اتصالاتي الخارجية والدولية. عندما شكلت حكومتنا، كان المجتمع الدولي تقريبا كله ضدها. اليوم نرى الصورة انقلبت. في اتصالاتي ادركت وتلمست كثيرا ان المجتمع الدولي يشعر بان الاستقرار في لبنان حاجة وضرورة لنا ولهم. حتى اليوم اقول ان هذه المظلة موجودة. ومن هنا انطلق للقول: نعم هناك حوادث تحصل، وهي حوادث متفرقة يمكن استيعابها وتطويقها في اسرع وقت. اي ما ان تطلق رصاصة نكون جاهزين لتطويقها لئلا يمتد الحريق. لذلك اعتقد واقول: نعم هناك حوادث متفرقة تحصل، ونشكر الله انها، حتى الآن، ذات طابع فردي، او انها محصورة في منطقة محددة، ولا امتدادات لها على مساحة الوطن. ودلت التجارب انه يمكن حصرها الى اليوم. لكنني اتصور ان ما يحمل تراكمات طويلة وآنية معا هو موضوع طرابلس. للوضع فيها مجموعة اسباب متشعبة. منها ما هو  قديم وهو الواقع التاريخي القائم بين جبل محسن وباب التبانة. لدينا ايضا ما هو مستحدث وهو الوضع الذي قام بعد تفجير مسجدي السلام والتقوى. الموضوع الثالث هو المسألة الاجتماعية والاقتصادية. وهي الاخطر في ضوء الحالة الامنية القائمة اليوم. لم يعد الوضع مشجعا. ارتفعت نسبة البطالة والفقر ما يرفع بدوره نسبة التوتر والاستغلال.

كل هذه الاسباب الموجودة مجتمعة من شأنها تفجير الوضع في اي لحظة، وما حصل في المسجدين لا يستطيع اي انسان في طرابلس او اي منطقة اخرى ان ينساه او يتجاهله. ما حصل باعتراف الجميع جريمة كبرى اودت بحياة 50 ضحية ومئات الجرحى. انت الى اليوم اذا رايت احدا منهم تتذكر الانفجار. ليس سهلا ان تنسى. بعدما وجهت الدولة اصابع الاتهام الى منطقة معينة، علينا العمل لمعالجة الامر. على الدولة ان تلعب دورها في الكشف عن كل من ساهم او شارك في هذه الجريمة، وهو امر اساسي، خصوصا وان تجاوب اهالي المدينة كان كاملا الى درجة مثالية. كلهم قالوا بعد الانفجارين بوضوح: لن نتهم احدا، وما نريده ان تاخذ الدولة دورها. عندما وجهت اصابع الاتهام الى فريق معين قالوا: ان على الدولة ان تاخذ دورها ولسنا بديلا منها. لم يقبلوا بالحرس الخاص ولا الامن الذاتي. قالوا في كل المناسبات التي تلت: نحن مع الدولة التي ننتمي اليها ومنها ولها، ولتاخذ دورها. هذا الواقع علينا تقديره والافادة منه الى النهايات السعيدة لكل ما يجري في المدينة، وإن شاء الله ننجح في ذلك.

رغم كل هذه الخارطة الامنية الشائكة في طرابلس، لدي شعور بالاطمئنان بان الاهالي، مع كل الحسرة التي في قلوبهم والالم الذي يشعرون به، لا يريدون الا الدولة. ما نتمناه اليوم تحقيق الامن والعدالة، وان ينجح الجيش في الدور الذي تؤديه معه الاجهزة الامنية والقضائية الاخرى التي تواكبه من اجل ان ينجز المهمة السلمية التي كلفوا اياها، فتنجلي الحقائق لاتخاذ القرارات المناسبة في حق كل من تسبب بما حصل، وتطمئن النفوس الى مجرى العدالة.

* الا تحتاج طرابلس اليوم الى عمل انمائي يضاف الى العمل الامني، فيتوجه الشباب الى العمل بدلا من اقتناء السلاح؟

ـ لا شك في ان هذا هو المطلوب. ان يواكب الانماء الامن. هذه الامور مهمة وضرورية، لكن الاساس يكمن في الامن. من المهم توفير البيئة الاقتصادية الجيدة لتنشيط الحركة في المدينة. لكن متى لم يتوافر الامن، يصبح من الصعب انجاز هذا النوع من العمل له الديمومة والاستمرارية. الامن هو الخطوة الاساسية التي تسبق القيام باي نشاط اقتصادي او انمائي في اي مكان في  العالم. هذا ما نريده لمدينتنا العزيزة وسكانها الطيبين.


خطف المطرانين

* دولة الرئيس، انتهى ملف احتجاز اللبنانيين الاحد عشر في اعزاز. كيف هو تقويمك لهذا الملف ونهاياته؟ هل هناك ما يشير الى ملف خطف المطرانين وراهبات دير معلولا؟

ـ بداية لا بد من الاشارة الى ما كلفنا ملف مخطوفي اعزاز من جهد وتعب لاشهر عدة. اتذكر كيف قمت بثلاث زيارات لتركيا وبحثت فيه، ولا ننسى ايضا ما قام به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بكل جدية عندما تسلمه، فرايناه يتنقل بين العواصم. من الدوحة الى دمشق وانقرة، وعواصم دول اخرى الى ان انجز ما انجز وافرج عن الجميع. كما ان الرئيس الفلسطيني تعاطى معنا بكل نية صادقة وساعدنا كثيرا في مرحلة المفاوضات. لعب اللواء ابراهيم دورا ديناميا وقويا في ذلك. كان من واجبنا ان نقوم بكل ما قمنا به، وان نكون الى جانب مواطنين لبنانيين تعرضوا لما تعرضوا اليه. بالنسبة الى موضوع المطرانين المخطوفين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم وراهبات دير معلولا، تحدثت في هذا الموضوع مع ملك الاردن. وفي زيارتي لقطر تحدثنا فيه مع سمو الامير تميم بن حمد آل ثاني بالتفصيل، وسعينا لدى كل من نعتقد ان له دورا في ذلك للافراج عنهم جميعا ولا نزال نعمل. لكننا لا نستطيع اعطاء وعد في هذا الشأن في انتظار الاطلاع على نتائج هذه الجهود المبذولة التي لن تتوقف قبل بلوغ نتائجها المطلوبة. سنسعى بكل قوانا، ولن نتقاعس لحظة عن تأمين الافراج عنهم. عندما نعرف ان هناك من هو قادر على مساعدتنا لن نوفره. هنا اراها مناسبة لانوه بما قام به ولا يزال امير قطر بكل جدية، وهو كلف فريق عمل خاص لمتابعة الموضوع الى النهاية التي نريدها ويريدها.


التدخّل في سوريا وعبء النزوح

* هل تراهن على الحلول السياسية لما يجري في سوريا التي يسعى اليها المجتمع الدولي؟ ما هو حجم الرهان على مؤتمر  "جنيف 2 "؟ واين اصبح قرار الحكومة النإي بالنفس، وكذلك مصير "إعلان بعبدا"؟

ـ عندما اتخذنا قرار النإي بالنفس في تعاطينا مع الملف السوري، قلنا ان ذلك ضروري لاسباب عدة. اولا لحماية العلاقة التاريخية التي تربط لبنان بسوريا، وثانيا لان لدينا الوفا من اللبنانيين يعملون  في دول الخليج ولا نريد ان نسيء الى مصالحهم، وثالثا لانه يتصل بالانقسام اللبناني الحاصل من الوضع السوري. وجدنا ان اي قرار تتخذه الحكومة يزيد من حدة الانقسام بين اللبنانيين ايا يكن، وستتضرر مصالح اللبنانيين في الخليج ايضا، ويمكن ان نسيء الى العلاقات الجغرافية والطبيعية التي تربطنا بسوريا فتنحدر الى اسفل السلم. لذلك كله اتخذنا قرار النإي بالنفس. واعتقد ان على الجميع ان يدرك انه لو كان اللبنانيون جميعا مع فريق من الفريقين في سوريا، لن يقدموا او يؤخروا في النتيجة ومجريات الاحداث. اذا ظللنا كما نحن اليوم، مع فريق وضد آخر، لن نقدم ولن نؤخر ايضا. كل ما قلناه ان اي تدخل مع هذا اوذاك سيزيد من مشاكلنا الداخلية ويعزز الانقسامات وحدة ردود الفعل على لبنان. لبنان هو الاضعف.

قررنا اللجوء الى الناي بالنفس لانه يريحنا ويبقينا على مسافة واحدة من الطرفين. كرسنا هذا الموقف في اعلان بعبدا، ودعونا الى الحياد عن كل المواضيع الخلافية في العالم العربي. لذلك ارى ان راحتنا والحل لخلافاتنا يكمن في التزام هذا القرار التزاما كاملا. لا مردود ايجابيا على الإطلاق لتدخلنا في سوريا، لا بل له مردود سلبي بكل الوجوه. لا ابصر له ايجابية واحدة. لبنان دائما هو الحلقة الاضعف بين المجموعة العربية، وبين دول الجوار السوري ايضا، وعلينا ان نتجنب اي موقف يضر بمصالحنا الداخلية والخارجية. صحيح اننا نأينا بانفسنا في الموضوع السياسي، لكننا لم ننأ بانفسنا في القضايا الانسانية وتحمّلنا المسؤولية الى الحدود التي تجاوزت قدراتنا. بعد ان نأينا نحن بانفسنا، وجدنا ان الازمة السورية هي التي لم  تنأ عنا، ففرضت نفسها على واقعنا وتحمل اليوم اوزارها الكبرى من خلال حجم النازحين. هؤلاء الذين بلغوا بفعل موجات النزوح المتواصلة اعدادا كبيرة.

لم يقصّر فخامة الرئيس سليمان في خدمتهم. وهو منذ مؤتمر الكويت الذي عقد في 30 كانون الثاني، اي قبل عام تقريبا، كانت له صرخة مدوية وصريحة محذرا من سلبيات ما يحصل في لبنان وتداعياته على الوطن وشعبه. منذ ذلك الوقت لم يتوان عن اي خطوة يراها مناسبة، وهو يتابع هذا الموضوع، وانا اعمل ايضا في هذا الاتجاه الاجتماعي. كل زياراتي الى الخارج شددت على ان لبنان يحتاج الى الدعم الذي يسمح له بتوفير الحد الادنى المطلوب، لمعالجة هذا الملف من بابه الانساني والاجتماعي قبل الامني والسياسي. قلت لكل الدول التي زرتها والتقيت المسؤولين فيها: لو تعرضتم لهذا الدفق غير المحسوب وغير المنتظر من النازحين لكان علينا نحن ان نساعدكم. لكن ويا للاسف الشديد ما هو حاصل اليوم اننا متروكون لوحدنا في مواجهة تداعيات هذا الامر. لذلك طالبتهم وناشدتهم ولا ازال، واطلقت نداء قبل ايام للعالم اجمع قلت فيه: نرجوكم لا تفشلوا النموذج الانساني القائم اليوم، ولا تدمروا ما يميز لبنان. قلنا لهم بوضوح ان شعاراتكم بالدعم والتفهم لكل ما يجري عندنا جميلة لكنها تبقى شعارات ما لم تترجموها وقائع وخطوات ملموسة على الارض. وهو امر تترجمه المساعدات المالية والمادية لتجاوز هذه الازمة الخطيرة، والسعي الى تطويقها وتخفيف وطأتها على ضحاياها وانهائها في اسرع وقت ممكن، عليكم ترجمتها فعلا لا قولا.

اخطر ما نواجهه في ازمة النازحين يكمن في الجزء الصحي منها. لم يقصر لبنان في تقديم ما في وسعه وقدراته، لذلك نقدم ما يلزم للاطفال والمصابين بالامراض المستعصية والكلى وحالات الولادة، ولم نتقاعس يوما. وما دمنا نرى الموضوع من زاويته الانسانية لا نميز بين فريق وآخر. نقدم المساعدات من دون ان نحدد هل ان هذا المريض او المصاب مع هذا او ذاك. رسالتنا الانسانية واحدة، ولن يتراجع لبنان عن هذا الدور ايا تكن المصاعب، وعلى الدول التي تحرص على الشعارات الانسانية ان تكون الى جانبه وتطبيق مقتضياتها ومفاهيمها كاملة.

* لاحظنا انك تشعر بخيبة امل كبيرة في تعاطي العالم مع ملف النازحين؟

ـ قلت ذلك فعلا، واشعر بهذه الخيبة خصوصا واننا وعدنا ولا نزال الى اليوم نتلقى الوعود. نسمع بعض الحجج من وقت الى آخر ومنها ما يقال انكم اذا اردتم معالجة قضية النازحين عليكم تشكيل الحكومة. هذا صحيح، ونعترف بان هناك ازمة اسمها تشكيل حكومة. لكن ما دخل هذا الملف السياسي اللبناني باخر مختلف عنه وغير لبناني، واي رابط بينهما. لقد سعت حكومتنا ولا تزال الى مقاربة هذا الملف من كل النواحي مع الحكومات والصناديق في فترة تصريف الاعمال. هل نقبل بان يموت النازحون من البرد ما لم تشكل الحكومة. اتفهم هذه الحجج الواهية التي نسمعها من البعض.

* ما الذي يعيق عودة السوريين النازحين الى المناطق الآمنة، واين اصبح الحديث عن مخيمات داخل الاراضي السورية؟

ـ هنا ايضا رفعنا الصوت عاليا، لاننا في حاجة الى مساعدة الدول والمنظمات الدولية التي عليها دعمنا في مواجهتنا ملف النازحين. المجتمع الدولي الذي يدمر الاسلحة الكيميائية السورية، وقد ارغم سوريا على التخلي عنها، يستطيع فرض قيام المخيمات على اراضيها. كلنا يعرف ان سوريا دولة كبيرة وشاسعة واراضيها واسعة، وكلنا يعرف ان معظم النازحين السوريين الى لبنان هم هنا لاسباب امنية وليس لاسباب سياسية او سواها. هناك مناطق شاسعة داخل سوريا يمكن ان ينتقل اليها هؤلاء ليعيشوا فيها بكرامة وامان، وقد تكون الكلفة اقل مما هي عليه اليوم، وقد تؤدي الى تحريك الموضوع الإقتصادي في سوريا. لذلك نتحدث مع المنظمات الدولية للضغط في هذا الاتجاه من اجل ان تتجاوب الحكومة السورية لانشاء المخيمات داخل الاراضي السورية.


لبنان والمجتمع الدولي

* توصلتم اخيرا الى خريطة طريق وضعها البنك الدولي واقرت في مؤتمر نيويورك. اين اصبحت؟ وكيف نقوم علاقات لبنان بالمجتمع الدولي؟

ـ العلاقات مهمة وجيدة كما قلت، لكننا لم نر ولم نقطف ثمارها بعد. بطريقة اوضح يمكن القول اسسنا لعلاقات مهمة لم نقطفها بعد.

* تحدث رئيس الحكومة الايطالية في زيارته لبنان عن دعم الجيش والنازحين. ما الذي تحقق؟

ـ ركزنا على ثلاثة ملفات اساسية. اولها دعم الجيش، وثانيها دعم لبنان لتعويض الخسائر التي لحقت به نتيجة الحرب في سوريا وتعويضنا الاثار الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها احداثها، وثالثها موضوع النازحين السوريين. هذا ما طرحه فخامة الرئيس في مؤتمر  نيويورك لاصدقاء لبنان بالتفصيل. ما قالته ايطاليا اليوم انها تعهدت موضوع دعم الجيش، وسيعرض الجيش خطته لتطوير المؤسسة في السنوات الخمس المقبلة، وما يحتاج اليه لتوفيره من البنى التحتية الى آخر المعدات والاسلحة.

* هل في وسعنا القول ان المؤسسات اللبنانية قادرة على القيام بمهماتها في مواجهة التشكيك الدولي بشفافيتها وقدراتها؟

ـ لا يطرح الامر بهذه الصيغة. التجربة التي نعيشها اليوم امامنا وليست وراءنا. الفتكم كما لفتنا المجتمع الدولي انه فور اكتشافنا بعض الفساد هنا او هناك في مؤسسات حكومية احيلت على القضاء والمراجع المختصة. وقد تلقيت تهنئة الدول واطراف مختلفين على ما قمنا به في بعض الخطوات التي اتخذناها. ليسمحوا لنا تاليا. المؤسسات اللبنانية قادرة على القيام بالمهمات والمسؤوليات المنوطة بها على كل المستويات. على المستوى الامني نراقب قرارات الجيش في الازمات الكبرى، ونشجع عليها. وعلى المستوى الاداري لدينا المؤسسات القادرة على القيام بمهماتها.


انتخابات الرئاسة

* كيف تنظر دولة الرئيس الى الاستحقاق الرئاسي؟

ـ اتمنى ان يحصل في موعده الدستوري. واعتقد ان من المبكر بت الموضوع، وما اذا كان سيتحقق في موعده ام لا. انا لا اتقن فن التبصير، واظن ان المعطيات المتوافرة الى اليوم غير كافية.

* كيف تعايد اخيرا اللبنانيين على ابواب الميلاد وراس السنة الجديدة؟

ـ المعايدة التي ارغب يمكن تلخيصها بكلمة واشارة مني كمسؤول الى جهاز الامن العام عبر مجلته. فهو يستحق مني التنويه بكل ما يقوم به بنشاط كامل وصمت وثقة عالية بالنفس. لا بد هنا من  ان انوه بما لي من علاقة مميزة مع الامن العام واللواء عباس ابراهيم خصوصا. له مني كل التقدير لدوره والمهمات التي يقوم بها هو والجهاز، داخلية كانت او عند الحدود. انا ممن يتابعها بكل التفاصيل وبدقة، ولم ار سوى التجاوب مع كل ما نقرره. ذلك ان ما يطلب من الامن العام، كما من الاجهزة الامنية والعسكرية الاخرى، يصب في المصلحة الوطنية ومصلحة لبنان. ومن الطبيعي الاشارة الى ان علاقتي قائمة مع كل المؤسسات الامنية والادارية، وهي جيدة وطيبة. في المناسبة اتقدم من المديرية ضباطا وعناصر بالمعايدة بميلاد مجيد وعام سعيد، اتمناهما للبنانيين جميعا. ما نحتاج اليه هو راحة البال في هذه الايام.

المزيد من الفيديو
كلمة الرئيس ميقاتي في إفتتاح مصنع تجميع وإنتاج الأجهزة الإلكترونية في الجامعة اللبنانية