
وقائع المؤتمر الصحافي للرئيس ميقاتي و"كتلة الوسط المستقل"
الأربعاء، ١٢ شباط، ٢٠٢٠
أعلن الرئيس نجيب ميقاتي من مجلس النواب "إن الهوة أصبحت كبيرة جداً بين الشعب والسلطة، ومخطئ من يعتقد أن الحراك الشعبي انتهى وأن الثورة لم تعد موجودة، لأن 17 تشرين الأول أظهر الثورة على السطح، ولكنها موجودة في القلوب وفي بيوت جميع الناس الرافضة لكل الطبقة السياسية".
وقال "نحن بحاجة لقرارات صعبة جداً في الفترة المقبلة، ولا يمكن أن تكون مقبولة من الناس، إذا كان لا ثقة للناس بمن يأخذ هذه القرارات، والموضوع ليس متعلقاً بحكومة أو بأشخاص بل أساسه الواقع الحاصل بين مصدر السلطات والسلطة بحد ذاتها".
وأكد "أنه علينا أن نستوعب أن هناك رفضاً للطبقة السياسية، التي لا يمكن أن تعود لتحكم بطريقة مستقيمة إلا إذا تجددت الثقة بها، وبالتالي فإن الإنتخابات المبكرة هي ضرورية لكي تستقيم الأمور".
وأعلن التقدم باقتراح قانون جديد للإنتخابات النيابية يقضي بتقصير ولاية المجلس الحالي من أربع سنوات الى سنتين تنتهي في آخر حزيران 2020 وإجراء إنتخابات جديدة وخفض سن الإقتراع من 21 سنة الى 18 سنة.
وكان الرئيس ميقاتي عقد مؤتمراً صحافياً اليوم في مجلس النواب في مشاركة عضوي "كتلة الوسط المستقل" النائبين نقولا نحاس وعلي درويش.
وقال: يعلم الجميع أن لبنان يمر بأزمة كبيرة جداً، وكلنا نتحدث ونعرض اقتراحات ومشاريع قوانين وخططاً وأفكاراً، ولكن برأيي لا شيء ينفع اليوم لأن الثقة مفقودة بين الشعب والسلطة، ومهما أخذت السلطة من قرارات فلا ثقة للشعب بها. شاهدنا بالأمس ما حصل خلال جلسة الثقة في مجلس النواب، وقرأنا عناوين الصحف اليوم "مجلس اللاثقة أعطى الثقة"، وتابعنا وقائع الحالة الأمنية التي حصلت لتمكين النواب من الوصول الى المجلس النيابي. ثقتنا كبيرة جداً بالمؤسسات وخاصة مجلس النواب، لكن هذه المؤسسات لا تكتمل إلا إذا كانت تتمتع فعلاً بالصفة التمثيلية للشعب، واليوم نرى أن الهوة صارت كبيرة جداً بين الشعب والسلطة. نحن بحاجة لقرارات صعبة جداً في الفترة المقبلة، ولا يمكن أن تكون مقبولة من الناس، إذا كان لا ثقة للناس بمن يأخذ هذه القرارات. الموضوع ليس متعلقاً بحكومة أو بأشخاص بل أساسه الواقع الحاصل بين مصدر السلطات والسلطة بحد ذاتها. من هنا فقد حضرت الى مجلس النواب مع زملائي أعضاء "كتلة الوسط المستقل" وقدمنا إقتراح قانون يتعلق بالإنتخابات النيابية يستعين بالكثير من الأفكار التي وردت في مشروع القانون الذي أعدته حكومتنا السابقة، مع تغيير الدوائر، بحيث وضعنا خمس دوائر أساسية هي المحافظات الخمس، وفي كل محافظة يقترع الناخب ضمن قضائه على أساس صوتين تفضيليين، الأول ضمن الدائرة الصغرى التي ينتمي إليها، والثاني ضمن الدائرة الكبرى. والأهم أن المادة الأخيرة في اقتراح القانون تنص على تقصير ولاية المجلس النيابي الحالي من أربع سنوات الى سنتين تنتهي في آخر حزيران 2020. ونحن نطالب بالدعوة فوراً الى اجتماع للهيئة العامة لمجلس النواب لدرس أي قانون إنتخابي، شرط تقصير ولاية المجلس الحالي، لكي تستقيم الأمور. كما ننتظر إنعقاد الدورة العادية لمجلس النواب، بعد 15 آذار، لكي نقدم إقتراح تعديل دستوري يقضي بخفض سن الإقتراع من 21 سنة الى 18 سنة، وهذا الأمر يعطي زخماً إضافياً للشباب الذين يرفضون الواقع السياسي القائم.
أضاف: لن تستقيم الأمور إلا بإنتخابات نيابية لكي يشعر الناس أنهم ممثلون فعلاً في المجلس النيابي، ولا ننسى أنه في الإنتخابات النيابية الماضية فإن أكثر من خمسين في المئة من اللبنانيين قاطع الانتخابات. لنأخذ مثلاً إحدى أرقى الديموقراطيات في العالم وهي بريطانيا، حيث أن رئيس الحكومة كان يتمتع بثقة الناس والبرلمان، ولكن عندما شعر أنه أمام قرار حاسم في ما يتعلق بعلاقة بريطانيا مع الإتحاد الأوروبي، أجرى إنتخابات وعاد الى السلطة أقوى. وأنا أعتقد أن معظم الأحزاب والأشخاص الموجودين في المجلس النيابي سيعاد إنتخابهم، ولكن عندئذ يكونوا مزخمين بثقة جديدة من الناس، وهذا هو المطلوب، أي تجديد ثقة الناس، لأن الناس غير مستعدة لتحمل نتائج أي قرار سيتخذ اليوم.
البعض يعتقد أن الحراك الشعبي انتهى وأن الثورة لم تعد موجودة، وهذا الكلام غير صحيح، لأن 17 تشرين الأول أظهر الثورة على السطح، ولكنها موجودة في القلوب وفي بيوت جميع الناس الرافضة لكل الطبقة السياسية. نعم يجب أن نستوعب أن هناك رفضاً للطبقة السياسية، التي لا يمكن أن تعود لتحكم بطريقة مستقيمة إلا إذا تجددت الثقة بها، وبالتالي فإن الإنتخابات المبكرة هي ضرورية لكي تستقيم الأمور. مهما فعلنا اليوم، ومهما اتخذنا من قرارات وأصدرنا من قوانين فإن الناس ستظل رافضة لكل شيء، لأن لا ثقة لديها. الثقة هي الأساس وهي التي تغير المصير، بدل أن نبقى سنتين إضافيتين في فترة تجارب واختبارات من دون جدوى.
أضف الى ذلك أن الحالة القائمة في الشارع وطريقة الحكم القائمة أدتا الى اختلال كامل بالتوازن في الحكم، لأن هناك أفرقاء أقوياء وأفرقاء ضعفاء، وبالتالي نحن نرفض هذا الأمر، ويجب أن تستقيم التوازنات مجدداً.
إذا تم أخذ ما نقترحه بعين الإعتبار، نكون قد بدأنا بالخطوة الأولى نحو الخروج من الأزمة الحالية خاصة إذا توافقنا على هذا الحل، وبالتالي نكون أعطينا الحكومة فترة أربعة الى خمسة أشهر لإنجاز الإصلاحات البنيوية الإقتصادية والإجتماعية المطلوبة وإعادة تفعيل وتعيين أشخاص في الهيئات الناظمة من دون محاصصة أو تبعية لأحد، وتأليف مجالس إدارة للهيئات المستقلة وفق الأسس ذاتها، وهكذا لا تعود الطبقة السياسية تتدخل في العمل الحكومي لأنها مشغولة بانتخاباتها، وتكون الناس منشغلة بالإستعداد للإنتخابات. هذه الفترة تتيح للحكومة أن تقوم بالإنجازات التي تحدثت عنها في البيان الوزاري.
لا أحد يعتقد أن الثورة انتهت، وإذا كنا نشهد اليوم هدوءاً فإن الثورة في قلوب الناس التي ترفض كل الطبقة السياسية وعلينا الإعتراف بذلك وحلّ هذا الموضوع. فلنذهب الى الإنتخابات النيابية المبكرة.
سئل: نفهم من كلامكم أنكم ستعطون الحكومة فرصة، وفي موضوع الإنتخابات البعض يقول بإجرائها وفق القانون النافذ؟
أجاب: في البيان الأخير لكتلتنا أعلنّا أننا لن نشارك في الجلسة ولن نمنح الحكومة الثقة، ولا يمكن أن تُمنح الثقة خلف حيطان الباطون، ونحن نريد أن نكون جسر مصالحة بين جميع اللبنانيين، وسنباشر بتحرك وسنزور فخامة الرئيس ودولة رئيس مجلس النواب والمرجعيات لنبحث في كيفية الوصول الى انتخابات مبكرة وإلى عقد مؤتمر وطني في أسرع وقت، لأن المشكلة التي تطفو على السطح إقتصادية ومالية، بينما في العمق هي مشكلة سياسية، ومن حق لبنان أن يستقر أخيراً.
سئل: هل الكتل الكبيرة وخاصة "تكتل لبنان القوي" ستقبل السير بإنتخابات نيابية مبكرة، لا سيما بعد سقوط التسوية الرئاسية؟
أجاب: لا أعرف ما سيكون عليه موقفهم، ولكن من لديه ثقة بنفسه يقول "المي بتكذب الغطاس"، أما الخائف من الإنتخابات فيرفض الإنتخابات المبكرة. تصوُّري أن معظم القوى ستعود الى المجلس ولكن يجب أن نعطي الناس المجال لكي يكون لها ثقة بالسلطة، وفي هذه الفترة يمكن للحكومة أن تقوم بالعمل المطلوب منها، وللمجلس أن يقوم بدوره خاصة في ما يتعلق بقوانين السلطة القضائية المستقلة والإصلاحات البنيوية إقتصادياً وإجتماعياً. وما عدا ذلك فالناس لن تدع أحداً يرتاح لأن لا ثقة لديها بالطبقة السياسية.
سئل: ما هو موقفكم من موضوع دفع مستحقات اليوروبوند في شهر آذار المقبل؟
أجاب: الإرتجال في مثل هذه المواضيع الأساسية أمر لا يجوز، ويجب أن تكلف الحكومة فريق عمل بإجراء الإستشارات اللازمة لتحديد الأنسب بالنسبة للخزينة العامة وللبنان، وإجراء الإتصالات اللازمة مع الجهات التي اقترضنا منها. ما نراه اليوم أن كل شخص بات يعطي رأيه من دون أن يملك كل المعطيات. إعادة الثقة في الداخل تساعد أيضاً على إعادة الثقة الخارجية بالواقع اللبناني، ونحن بحاجة لأن يعتبر المجتمع الدولي أن المسؤولين في لبنان يحظون بثقة شعبهم. وبمجرد أن يشكك المجتمع الدولي بعدم وجود ثقة شعبية بأي حكومة أو سلطة فهذا يتسبب بنظرة غير إيجابية لواقعنا.