كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في افتتاح المكتبة الوطنية في الصنائع بعد انتهاء أعمال الترميم
الخميس، ١٠ شباط، ٢٠٢٢
أيها الحفل الكريم
نحن هنا اليوم مجدداً لنشهد ونؤكد أن بيروت كانت وستبقى أم الشرائع ومدينة عصية على اليأس. فرغم كل ما يحيط بنا من تحديات وهموم سياسية واقتصادية واجتماعية، سيبقى للكلمة والثقافة عنوانها في قلب هذه العاصمة، كشاهد حي على أن بيروت لن تموت، ولو تدمرت بظروف مختلفة، ستنهض مجدداً لتبقى منارة هذا الشرق.
زلزال عام 551 دمر بيروت تدميراً كبيراً ونهضت. وزلزال المرفأ في الرابع من آب ٢٠٢٠ خلّف مآسي وأوجاعاً لم تشف بعد قبل أن تُعرف الحقيقة الكاملة عما حصل.
المكتبة الوطنية التي نلتقي في رحابها اليوم بعد انتهاء أعمال ترميمها نتيجة انفجار مرفأ بيروت، كانت وستبقى واحة أمل تجمع اللبنانيين وعنواناً من عناوين الثقافة والفكر والعلم.
صحيح أن التكنولوجيا الرقمية باتت تطغى على الورق والكتاب في العديد من مفاصل حياتنا، لكن الكتاب يبقى المرجع الأساسي للتطور العلمي. وما تكتنزه هذه المكتبة من إبداعات متنوعة في كل مجالات الثقافة، خير دليل على ما نقول. والتحدي الأساسي سيبقى في الحفاظ على هذا الإرث ونقله الى الأجيال المقبلة، وهو الأساس في غنى هذا الوطن الفكري وتنوعه، وتميّزه في هذا الشرق.
وفي هذه المناسبة فإنني أدعو الى العمل لجعل الأرشيف الوطني جزءًا من هذه المكتبة الوطنية، حفظاً للتراث ولجعله في متناول أهل العلم والاختصاص وجميع الراغبين في الإحاطة بتاريخ هذا الوطن وحاضره.
أيها الحفل الكريم
من هذا الصرح الوطني الجامع أدعو جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الى التعاون مع هذه الحكومة في مهمتها الواضحة، كي لا أقول الصعبة، وهي وقف الانهيار والعمل لإنجاز خطة نهوض تضع لبنان على سكة التعافي والاستقرار، وتشرف على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، باعتبارها استحقاقاً دستورياً أساسياً وفرصة للتغيير الذي يأمله اللبنانيون. ونأمل في الفترة القليلة المقبلة أن نطلق البرنامج الوطني للتعافي الاقتصادي والمالي بعد إنجاز المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وهذه الخطوة من شأنها بإذن الله أن تضع وطننا على طريق الحل التدريجي الذي سيعيد لوطننا عافيته واستقراره.
مسارنا طويل، ويلزمنا وقت للمواءمة بين الوضع الذي وصلنا إليه، وبين الوضع المعيشي. والحكومة جادة لإيجاد كل الحلول الممكنة، لدينا اليوم الموازنة التي سيقرها مجلس الوزراء إن شاء الله لإرسالها لمجلس النواب، وفي الموازنة مواد تنصف الموظفين في الإدارة العامة، وبعدها هناك خطة التعافي الاقتصادي، وهي باب للوصول الى صندوق النقد الدولي وهي خطة لبنانية وطنية للخروج من الأزمة.
أضاف: الإصلاحات ليست مطلوبة فقط من صندوق النقد الدولي بل هي ضرورية لمصلحة لبنان وهي مناسبة لنقوم بها، وستكون موجعة لسوء الحظ ولكننا مضطرون أن نمر بها للوصول الى الضوء والخروج من النفق.
مجدداً أعبر عن سروري للمشاركة في هذا اللقاء المميز، وأحيي جهود معالي الوزير محمد مرتضى والقيمين على هذه المكتبة الوطنية والذين قاموا بأعمال الترميم. وأخص بالشكر دولة قطر ومؤسسة "أليف" وآمل تعميم هذه اللقاءات والمراكز الفكرية والثقافية في كل لبنان. شكراً

