كلمة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي خلال لقاء لعرض التقرير الأول لتنفيذ "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" في السراي الحكومي
الخميس، ٠٥ أيار، ٢٠٢٢
معالي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية،
معالي الوزراء،
سعادة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد،
أصحاب السعادة رؤساء الأجهزة الرقابية،
أصحاب السعادة المدراء العامين،
السيدات والسادة خبراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
أود أولاً، وقبل البدء بالنشاط الأول لنا بعد فترة الأعياد السعيدة التي تتالت، أن أتمنى أن يعيدها الله عليكم وعلى عائلاتكم بالخير والبركة.
والآن أرحّب بكم جميعاً في هذا اللقاء المهم الذي نعقده اليوم في السراي الكبير تأكيداً مناً على إلتزام حكومتنا الحازم بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، رغم كافة التحديات والصعوبات، وتقديراً منا للجهود الكبيرة التي تبذلونها وستبذلونها في إداراتكم من أجل ضمان استمرارية المرفق العام في ظل ظروف قاسية فُقدت فيها أبسط مقومات العمل، وأصبح فيها الموظف العام الحلقة الأضعف في المجتمع، على الرغم من سعينا المستمر لتحسين ظروفه ضمن الإمكانات المحدودة المتاحة.
ما وصلت إليه البلاد عموماً، والإدارة العامة خصوصاً، هو نتيجة عقود من السياسات التي، للأسف، لم تضع بناء دولة القانون والمؤسسات على رأس سلم أولوياتها، ما جعل مقدرات بلادنا عرضة للهدر والفساد، وشؤوننا الداخلية عرضة للتدخل والتداخل، وأدى الى تراجع اعتبارات المصلحة العامة أمام المصالح الفردية والفئوية، وأَدخل لبنان في الأزمة العميقة التي نعاني منها اليوم.
لكن كل ما سبق، لم ولن يحبط من عزمكم وعزمنا على تحمّل مسؤولية إدارة هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البلاد. ويبقى الإنجاز ممكناً عبر تضافر الجهود والعمل الدؤوب، وما تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أرحب برئيسها وأعضائها في هذا الاجتماع المهم سوى دليل على إمكانية التقدم، بعد أن وقّعنا قبل أيام قليلة اتفاق إطار التعاون مع منظمة الأمم المتحدة لدعم التنمية المستدامة، وأقرّينا ولأول مرة في تاريخ الدولة اللبنانية استراتيجية وطنية شاملة للتحول الرقمي.
إن كل إنجازٍ مما سبق مهم جداً، ونحن فخورون جداً بالجهود التي بذلت وتُبذل، لكننا نعرف أيضاً أنها غير كافية، ونعرف جيداً أننا مطالبون بالمزيد، وهذا ما نصّر عليه. فبالإضافة الى عملنا في الحكومة على معالجة المشكلات اليومية التي تواجه المواطن، نعمل أيضاً، وبشكل متوازٍ، على إرساء أسس الإصلاح الحقيقي والشامل، وعلى رأس هذا الإصلاح العمل على تعزيز الحوكمة الشفافة والنزيهة للإدارة العامة والمال العام، ومكافحة الفساد البنيوي.
السادة الحضور،
لقاؤنا اليوم هو جزءٌ من مسار طويل، بدأناه عام 2011، وسنتابعه حتى يحقق النتائج المرجوة منه، كي يستعيد لبنان دوره الريادي ويتعافى من أزمته. وهنا يبرز دور المدراء العامين، في متابعة تنفيذ وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في إداراتهم ومؤسساتهم. فالاستراتيجية ليست نصاً عاملاً للإستئناس به فقط، بل هي خارطة طريق عملية يتوجب علينا تطبيقها، مما يتطلب مواكبة حثيثة من رأس الهرم الإداري في كل وزارة، وذلك من أجل التوعية على مضامينها والإلتزام بمبادئها وتنفيذ مندرجاتها، كما وتنفيذ كافة متطلبات القوانين الإصلاحية على أرض الواقع، إضافةً الى العمل داخل كل وزارة وقطاع عام على تحديد ومعالجة الثغرات الإدارية والمالية التي من شأنها أن تخلق أرضاً خصبةً للفساد وسوء استخدام السلطة للمصلحة الشخصية.
أيها الحضور الكريم،
عشية بدء إجراء الانتخابات النيابية لا بد من مصارحة اللبنانيين ببعض المسائل المرتبطة بعملنا الحكومي. حاولنا معالجة القضايا التي واجهتنا منذ اليوم الأول بكل واقعية وبأقل أضرار ممكنة. نجحنا في مكان ما بقدر ما سمحت به الظروف والمعطيات. ولم ننجح حيث وُضعت العصيّ في دواليب الحكومة. راهنّا على حصول الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية على رغم تشكيك المشككين بحصولها، على أمل ان تترجم إرادة الناس، الذين سيقولون كلمة الفصل في صناديق الإقتراع.
في 16 أيار يوم جديد لمرحلة نأمل أن تحمل الخير للبنان واللبنانيين، وأن ترى الخطط التي وضعتها حكومتنا النور.
لي ملء الثقة بأن الأيام الآتية ستحمل معها بشائر خير. نحن وضعنا القطار على السكة الصحيحة. يبقى أن يقود هذا القطار إلى محطات آمنة، وأن نكون مستعدين وجاهزين عندما يحين أوان الحلول الإقليمية المنتظرة.
المطلوب من الجميع بعد أن نطوي صفحة الإنتخابات النيابية العمل لتجنب الوقوع في مطبات الفراغ القاتل على مستوى السلطة التنفيذية، التي ستلقى على عاتقها مسؤولية البدء بمسيرة إنهاض لبنان من كبوته.
أيها الحفل الكريم،
مجدداً أتمنى لكم التوفيق والى المزيد من العطاء.