كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في حفل إطلاق العمل في قانون الشراء العام في لبنان
الجمعة، ٢٩ تموز، ٢٠٢٢
السادة السفراء وممثلو المنظمات الدولية
السيدات والسادة الوزراء والنواب
الحضور الكريم،
نجتمع اليوم، في ظلّ التحديات الصعبة والمتشعّبة التي تواجهنا، لإطلاق العمل في قانون الشراء العام الذي أتى نتيجة عمل دؤوب ومتواصل لمجلس النواب دام عاماً كاملاً ولوزارة الماليّة اللبنانيّة منذ أعوام.
إنّ إصلاح منظومة الشراء العام هو ركن أساس من ركائز بناء الثقة في حوكمة مالية رشيدة أساسها الانضباط المالي ومكافحة الفساد وتعزيز التنافسيّة، وتحسين نوعيّة الخدمات.
وهذا القانون هو مدخل طالب به المجتمع اللبناني والتزمت به حكومتنا، من ضمن رؤية تسعى لوضع الاقتصاد على سكة التعافي، وتعيد ثقة مواطنينا بالدولة ومؤسساتها وإمكانية نهوضها.
إن إطلاق العمل بقانون الشراء العام، والتقدّم على مسار إصلاح المنظومة ككلّ، يثبّت أننا وَعَدْنا ونفّذنا - وَعَدْنا ونفّذنا ما التزمت به حكومتنا أمام مجتمعنا، وأيضاً أمام الأسرة الدولية التي تتابع عن كثب هذا الموضوع الذي تعتبره ثالثاً في سلّم الإصلاحات بعد إصلاح الكهرباء وإصلاح القضاء.
إن إصلاح منظومة الشراء العام كما تعرفون هو من الإصلاحات الهيكلية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي وقد تكرر ذكره في معظم المحطات والوثائق الأساسيّة مثل توصيات مجموعة الدعم الدولية للبنان، والمبادرة الفرنسية التي نثمّن، وتوصيات إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF)، وطبعاً مؤتمر "سيدر".
أيها الحفل الكريم
خلال الأشهر الستة الأخيرة أقرّينا الاستراتيجيّة الوطنية للشراء العام وشكّلنا لجنة وزارية برئاسة معالي وزير الماليّة مسؤوليتها الإشراف على تنفيذ الاستراتيجيّة بالشراكة مع الجهات الدولية، وكلّفنا معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي مسؤوليّة تنسيق هذا الجهد الوطني الكبير.
اعتمدنا على أنفسِنا وعلى الطاقات البشريّة الكفوؤة في إداراتِنا، وعلى الخُبرات التي راكمها هذا المعهد خلال خمسٍ وعشرين سنة مِن عطائه، فكان على قَدر التحدي بشهادة المؤسسات الدوليّة وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص الذين كانوا له ولنا شركاء فعليّين. وقد وفّقنا بإحراز تقدّم ملموس، بحيث نستطيع القول اليوم أنّ هذا الجهد الوطني التشاركي وهذا القانون لم يبقيا حبراً على ورق، وأتيا بنتائج ملموسة سوف تنعكس بإذن الله إيجاباً على إدارة المال العام، والاقتصاد وتحسين حياة المواطنين.
أيها الحضور الكريم،
قُلت أنّ هذا اليوم سيذكره التاريخ الإداري كنقطة تحوّل كبير في ممارساتٍ عفا عنها الزمن.
يُدرك رئيس وفريق عمل هيئة الشراء العام المسؤوليّة الكبيرة الملقاة على عاتقهم في السهر على حسن تنفيذ هذا القانون.
المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات، وهناك الكثير من الإجراءات الإصلاحية الضرورية التي توجِب العمل بشكل منسّق بين كافة الجهات المعنيّة على المستوى الوطني، ومع الشركاء الدوليين والجهات المانحة.
إننا نتطلّع الى إستكمال الخطوات الضروريّة المُكمِّلة لإصلاح منظومة الشراء العام لا سيما إنشاء هيئة الاعتراضات وهي الهيئة الضامنة لحقوق المعترضين وفق الأسس الجديدة العصريّة للشكوى والاعتراض، كما ولإصدار المراسيم التنفيذيّة التي من شأنها تفعيل عمل الهيئتين الجديدتين اللتين استحدثهما هذا القانون، أي هيئة الشراء العام وهيئة الاعتراضات.
كما نتطلّع الى إبعاد تنفيذ هذا الإصلاح عن التجاذبات السياسية، أياً كانت، لتحقيق النتائج المرجوّة منه، فأي تأخير في تنفيذ هذه الخطوات وحُسن تطبيق هذا القانون سوف يُقرأ على أنّه مؤشر سلبي وخطير لصدقية لبنان في السير في الإصلاحات الهيكليّة التي يحتاجها.
ومن هذا المنبر، أكرر دعمي لجهودكم وتهنئة الجميع على هذه الخطوة الأولى في تكريس التزام لبنان بالإصلاحات الهيكليّة.
أيها السيّدات والسادة
أتمنى أن نتعلّم من دروس تجربة إصلاح الشراء العام ومنهجياته، ونبني عليها في تحقيق المسارات الإصلاحيّة الأخرى. فبتكاتف الجهود على المستوى الوطني، يُمكن أن ننقل لبنان إلى برّ الأمان. وشكراً.