
الرئيس ميقاتي خلال إطلاق استراتيجية التحول الرقمي: طموحنا تحويل لبنان الى بلد متقدم وإعادتِه مركزاً إقليمياً لريادة الأعمال
الثلاثاء، ١٨ تشرين الأول، ٢٠٢٢
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أننا صامدون في خياراتنا، للعبور بمواطنينا الى ضفة الأمان والنهوض معهم من الأزمات الحادة التي تعصف ببلدنا الحبيب". وأمل في "أن يحمل الآتي من الأيام بوادر أمل للبنان وللبنانيين بالخروج من الأزمات الخانقة التي نمر بها والانطلاق في عملية النهوض الذي يستحقه وطننا وشعبنا". وشدّد على "أنه منذ تولَّيْنا مهماتِنا في هذه المرحلة الدقيقة، لم نَحِدْ عن أهدافِنا في اتخاذ الخطوات الآيلة الى إرساء أسس الإصلاح المستدام في الدولة معتمدين رؤيا استراتيجية شاملة وبرامج ومشاريع محددة الأهداف لدعم الإدارة العامة في تأدية دورها".
واعتبر "أن مبادرةَ التحول الرقمي احتلّت أولويّات حكومتنِا، لأنها تشكّلُ حجرَ زاوية في مسيرة التقدم، وَترتبط ارتباطاً عضوياً بخطة الإصلاح والتعافي. كما أنها تلاقي استراتيجية مكافحة الفساد الجاري تطبيقُها بشكل منهجي وتدريجي".
وكان الرئيس ميقاتي يتحدث خلال رعايته في السراي الكبير اليوم "مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في لبنان 2020-2030"، وذلك بدعوة من وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية السفيرة نجلا الرياشي.
شارك في الحفل الوزراء: علي حمية، عباس الحلبي، زياد مكاري، نجلا رياشي، بسام المولوي ، يوسف خليل، والنواب ميشال موسى، بلال الحشيمي، طوني فرنجية، جورج عقيص، نقولا الصحناوي، فادي علامة، سعيد الأسمر، رازي الحاج، إلياس حنكش، فريد الخازن، سليم الصايغ وإدغار طرابلسي، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هونشتاين، وشخصيات ودبلوماسيون وأكاديميون وإعلاميون وممثلون عن المجتمع الرقمي المتخصص وعن المنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني.
الرئيس ميقاتي
وقال الرئيس ميقاتي في كلمته: في زمن التحولات العالمية الكبرى، وفيما لبنان يعبر مرحلةً من الاستحقاقات المصيرية يمليها الدستور والقانون وواقعُ الحياة العامة في الداخل والخارج، رُبَّ سائل عن الجدوى الآنية لإطلاق استراتيجية طموحة للتحول الرقمي في لبنان، في هذا الوقت بالذات. نحن لا نفقد الأمل بالمستقبل. وإننا صامدون في خياراتنا، للعبور بمواطنينا الى ضفة الأمان والنهوض معهم من الأزمات الحادة التي تعصف ببلدنا الحبيب. منذ تولَّيْنا مهماتِنا في هذه المرحلة الدقيقة، لم نَحِدْ عن أهدافِنا في اتخاذ الخطوات الآيلة الى إرساء أسس الاصلاح المستدام في الدولة معتمدين رؤيا استراتيجية شاملة وبرامج ومشاريع محددة الأهداف لدعم الإدارة العامة في تأدية دورها.
وقال "إن مبادرةَ التحول الرقمي احتلّت أولويّات حكومتنِا، لأنها تشكّلُ حجرَ زاوية في مسيرة التقدم، َوترتبط ارتباطاً عضوياً بخطة الإصلاح والتعافي. كما أنها تلاقي استراتيجية مكافحة الفساد الجاري تطبيقُها بشكل منهجي وتدريجي. ووسط الاستحقاقات المتنوعة التي يراهن عليها بلدُنا المثخن بالجراح، نتمسك أكثر من أي وقت بالاستحقاق الاصلاحي، حيث يمثّلُ تبني استراتيجية التحول الرقمي جواز عبور الى نمو اقتصادي من نوع مختلف، ويسهم اعتمادُها في إعادة شرايين الحياة الى الإدارة العامة ومختلف القطاعات. لا بدّ لنا من الالتحاق سريعاً بالعصر الرقمي وإن أيَّ تأخير إضافي في هذا المسار يشكّلُ تراجعاً عن توجهاتِنا الاصلاحية وعن خططِنا الهادفة ِالى إنهاض لبنان والى إعادة الثقة. فهذه الخطوة نعتبرُها استراتيجيةً ومستدامة َالمفاعيل في المدى الأبعد وتؤسس للتماهي مع الثورة الصناعية الرابعة كما تعكس محوريّة تكنولوجيا المعلومات في جوهر السياسات العامة للدول والحكومات".
أضاف "غداةَ صدور استراتيجية التحول الرقمي في الجريدة الرسمية، أغتنم الفرصة كي أهنئ وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية، السيدة نجلا الرياشي، التي عملت بحرفية وتفانٍ، على مدى أشهر مع فريق الوزارة لإقرار هذه الاستراتيجية على مستوى الوطن، بعدما كانت حلماً استمر العمل عليه لسنوات. وأدعو مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الذي قاد أخيراً إنجاز هذه الوثيقة في نسختها النهائية، بدعم مشكور من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الى المثابرة في مهمته المرتبطة بالإصلاح خلال مرحلة التطبيق بالتنسيق مع رئاسة الحكومة ووزارة التنمية في كل ما يتعلق بالتمويل والأولويات التي تحددها الحكومة، وترشيد الإنفاق في عملية التحول الرقمي. كما أننا نشدد على السيادة الوطنية في الملف المتعلق بالاستراتيجية الرقمية مع إتباع أعلى معايير التصميم الآمن لكل مشروع يتناول البيانات الشخصية والحساسة، والتي هي مسؤولية حصرية لكل إدارة.
كما أن منصات الخدمات الرقمية لها أصول وآليات نصّ عليها القانون ولا يمكن أن تخضع لأي إعتبارات خارجة عن الإطار المؤسساتي".
وقال "إن طموحنا ثابت في تحويل لبنان الى بلد متقدم في مجال الخدمات الرقمية، وإعادتِه مركزاً إقليمياً لريادة الأعمال والإستثمار والسياحة. فالمواطنون اللبنانيون يستحقون خدمات أفضل، تقدمها أدوات رقمية مرنة ومنصات تقنية تحفظ بياناتِهم الشخصية بشفافية، وتعزز الهيكلية الاجتماعية وتدعم الميزات الثقافية التي يتمتع بها الشعب اللبناني. وهي تفسح المجال للتشاور العام الفعال، ومشاركة المجموعات ذات المصلحة في تطوير السياسات الحكومية.
لقد كنت دوماً على يقين، أن الخروج من الأزمات المتراكمة يمرُّ من خلال دعم الإدارة العامة وعصرنتها وتحديثها. وها نحن اليوم في بداية طريق طويل يستلزم استنهاض مختلف مكونات الدولة وقطاعاتها، من سياسية وقانونية وأكاديمية وتقنية وشعبية، لنصل معاً الى اقتصاد رقمي فاعل وناجع، والى مجتمع رقمي دامج وبنّاء. وبإذن الله سيحمل الآتي من الأيام بوادر أمل للبنان وللبنانيين بالخروج من الأزمات الحانقة التي نمر بها والانطلاق في عملية النهوض الذي يستحقه وطننا وشعبنا".
الرياشي
وقالت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية نجلا الرياشي عساكر في كلمتها: يُتوّج إطلاق استراتيجية التحول الرقمي اليوم مسيرة من العمل التراكمي، مسيرة قادتها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية على مدى سنوات عدة. وقد صيغت الاستراتيجية بنهج تشاركي تشاوري مع القطاعات المعنية كافة وولدت أخيراً بنسختها النهائية بدعم تقني مشكور قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يلعب دور الشريك الاستراتيجي لمكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، في مجالات التحول الرقمي والحوكمة الرقمية، إنفاذاً لمذكرة التعاون القائمة بيننا. ولا بد لي هنا أن أتوجه بالشكر الى البرنامج والى الصديقة ميلاني وفريقها لهذا التعاون المثمر خلال مرحلة تطوير الاستراتيجية وإقرارها. كما أنني أعوّل خيراً من أجل مرحلة مقبلة من شراكة مماثلة بين الوزارة والبرنامج، تتسع لتشمل كافة شركاءنا الدوليين، وتوظَف في رسم الخطط وتنفيذ المشاريع النابعة من خطوط هذه الاستراتيجية.
وقالت "إن الدخول في العصر الرقمي ليس ترفاًّ، بل هو توجّه وتطبيق عالمي في عصرنا هذا، وما يهمنا في لبنان هو أن تحاكي استراتيجيتنا الواقع اللبناني، وفَرادة المؤسسات اللبنانية، من هنا كانت لهذه الاستراتيجية مقاربة شمولية، أخذت بعين الاعتبار النجاحات العالمية لدول صديقة استفدنا من خبراتها في مجال الرقمنة والمكننة، وطبقتها على واقع نظامنا اللبناني، مما أنتج استراتيجية جامعة ودقيقة، والأهم من ذلك أنه أنتج استراتيجية قابلة للتطبيق. فالتحول الرقمي لا يمكن حصره في آليات المكننة وتطورات التكنولوجيا. إن التحول الرقمي يرتبط عضوياً بمكافحة الفساد وعصرنة الإدارة، من أجل خدمة المواطن والشركات والزوار وتحسين بيئتنا الحياتية والاقتصادية، ويثمّر التوجه الاصلاحي الذي نعتمده من أجل تعزيز مبدأ الحكومة المفتوحة التي تقوم على كفاءة أعلى ونزاهة أكبر وشفافية أوضح في العمل الاداري. إن تحويل لبنان إلى بلد متقدم في مجال الخدمات الرقمية الشفافة والعادلة، يستلزم عمليات حوكمة سليمة تترجم بقيادة كفوءة، كما وبتطبيق نظام حوكمة اقتصادية سليم. وهنا لا بد من أن أثمّن نشاط ودينامكية وجهوزية اللجنة النيابية لتكنولوجيا المعلومات من أجل التعاون في تعزيز نموذج الحوكمة وهي قد باشرت بمواكبة الخطوات الضرورية للوصول إلى هدفنا".
أضاف "في ظل المسؤولية القيادية التي توليها الاستراتيجية لوزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية في التخطيط والتنفيذ لهذا التحول الحيوي، لا بد لي من التأكيد على أهمية مقاربة حكومية ومجتمعية شاملة من أجل توسيع الفرص المتاحة للإدماج الرقمي عبر ابتكار وتصميم تشاركي وشمولي للسياسات الرقمية العامة، وعلى إشراك كل الجهات المعنية في الابتكار الرقمي، من جهات رسمية محلية وقطاع خاصّ وقطاع أكاديمي ومجتمع مدني، لمساندة هذا التصميم وسدّ الفجوة الرقمية.
إن المرحلة التطبيقية تحتاج الى جهود حثيثة من حس القيادة وحسن التنسيق، وتسلتزم المتابعة والدعم، وتتطلب مهارات الإبتكار والإدراك وضرورات التخصص والمعرفة والخبرات المتنوعة.
وهذه المقومات تحتاج الى مقاربة أوسع وأشمل وأدق في التفاصيل، وهو ما باشرنا العمل عليه حالياً وفيما يتم التنسيق أساساً مع اللجان النيابية ولا سيما منها لجنة التكنولوجيا، سوف ينسّق المكتب بين الجهات الرسمية كافة لترتيب الأولويات ووضع الخطط.
حالياً نحن بصدد مراجعة وتطوير الخطة التنفيذية ووضع خارطة طريق من خلال تحديد أولويات المشاريع التي يحتاج إليها لبنان.
إن أكثر ما نحتاجه اليوم هو جرعة من الأمل بالمستقبل، ولعلّنا فتحنا باب أمل من خلال إصدار هذه الرؤية الاستراتيجية والعمل على تطبيقها، من أجل بناء مجتمع رقمي شامل وأخلاقي ومستدام.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
أما الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان السيدة ميلاني هونشتاين فقالت: "التكنولوجيا الرقمية تغيّر العالم وتؤمّن مدخلاً فريداً لإطلاق الحلول المبتكرة وملاقاة التحديات التنموية العميقة والمعقدة التي تواجهها البلاد. اليوم، مع التطبيق الملائم يمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهم في زيادة الالتزام المدني والمحاسبة الاجتماعية والحد من الفساد وسوء الادارة ما من شأنه زيادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
وقالت "الشراكة الفريدة التي يقيمها برنامج الأمم المتحدة مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية لدعم تخطيط وتنفيذ مراحل التحول الرقمي تعكس التزامنا بعملية الرقمنة الشاملة".
بعد ذلك جرى عرض شمل الخطوات المقبلة لتطبيق الاستراتيجية، وقدّم كل من خبيرة التحول الرقمي ومستشارة وزيرة الدولة لشؤون التنمية، تانيا زاروبي، والخبير الإقليمي في التحول الرقمي لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – المكتب العربي داني وازن، شرحاً عن الرؤية المستقبلية للتحول الرقمي المنشود وأهميته وانعكاساته على مستوى الخدمة العامة والاقتصاد الرقمي والازدهار التنموي.
وكانت هذه الاستراتيجية أقرت في مجلس الوزراء خلال أيار الماضي وصدرت في العدد 43 من الجريدة الرسمية في السادس من تشرين الأول الحالي.



