
الرئيس ميقاتي في القمة العربية: لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر فلا تتركوه وحيداً
الأربعاء، ٠٢ تشرين الثاني، ٢٠٢٢
أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الكلمة التي ألقاها بإسم لبنان في القمة العربية في الجزائر "أن لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر ... نعم قد تغيّر. المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق إنفجر. والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الأنوار لعدم وجود المحروقات".
وأعلن "أننا في دولة تعاني اقتصادياً وحياتياً واجتماعياً وبيئياً، ونحارب الأوبئة بأقل الإمكانات. نعم، بأقل الإمكانات حتى وصلنا الى اللحم الحي. فنحن نواجه منذ سنوات عدة، أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخنا، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة أبنائه".
وأشار إلى أن لبنان نجح مؤخراً، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود الجنوبية لمنطقته الإقتصادية الخالصة، "ونأمل في أن يكون ذلك بداية مسار يقود إلى ازدهار لبنان ورخاء اللبنانيين والتوافق على انتخاب رئيس جديد يلم شمل اللبنانيين".
وعوّل الرئيس ميقاتي في كلمته على مساعدة جميع الإخوة العرب للبنان، وقال: "وإننا إذ نستذكر إتفاق الطائف الذي أرسى معادلة الحكم في لبنان، فلتأكيد إلتزامنا التام به، وعدم تساهلنا مع أي محاولة للمس بجوهره".
نص الكلمة
وفي ما يلي كلمة لبنان التي ألقاها الرئيس ميقاتي في القمة العربية المنعقدة في الجزائر:
السيد الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية،
أصحاب الفخامة والسمو،
سعادة الأمين العام لجامعة الدول العربية،
إخواني، بداية أتوجه بالشكر والتقدير للجزائر، قيادة وشعباً، على حسن الإستقبال والضيافة والتنظيم وعلى كل الجهود التي بذلت من أجل توفير أفضل الظروف لنجاح قمة "لمّ الشمل العربي".
وإني إذ أعرب عن تقديرنا وشكرنا للجهود التي بذلتها تونس الشقيقة في خلال ترؤسها للقمة الماضية، فإننا نتمنى للجزائر الشقيقة النجاح في رئاستها للدورة الحالية للقمة.
يشرفني أن أمثّل لبنان بكلمة صريحة موجهة من أخ لإخوته، نابعة من قلب مخلص لعروبته. أمثل لبنان، منارة العروبة، الذي احتضنت جامعاته منذ أوائل القرن الماضي قادة العرب، فكان مهداً لليقظة الفكرية للقومية العربية.
وفي هذه الأيام المجيدة أستذكر تعاطف لبنان مع الشعب الجزائري في ثورته، حيث اكتظت الشوارع بالتظاهرات، واعتبرنا أن ذلك الانتصار ليس فقط للشعب الجزائري، بل أيضاً نجاح للتضامن العربي وللعروبة.
مع انعقاد القمة، تنتصر الجزائر اليوم في استقبال هذه القمة التي نعلق عليها آمالاً كثيرة بأن تكون إمتداداً للإنتصار والتضامن العربيين.
ولكنني أصارحكم القول أن لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر ... نعم قد تغيّر.
المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق إنفجر. والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الأنوار لعدم وجود المحروقات.
نحن في دولة تعاني اقتصادياً وحياتياً واجتماعياً وبيئياً، ونحارب الأوبئة بأقل الإمكانات. نعم، بأقل الامكانات حتى وصلنا الى اللحم الحي.
لبنان مساحته صغيرة، ولكن أبوابه بقيت مشرّعة لكل الإخوة، والعرب خصوصاً، أما اليوم فبتنا غير قادرين على الاستمرار في استضافة ديموغرافيا عربية باتت تقارب نصف الشعب اللبناني.
بنيتنا التحتية باتت مترهلة، ومواردنا أصبحت قليلة ،ونعاني تضخماً كبيراً لا مثيل له. ورغم ذلك، نحن نستقبل هذه الديموغرافيا ولكننا، أيها الإخوة، تحوّلنا جسداً ضعيفاً يحتاج الى مقويات بدل التجاهل الحاصل.
لا يخفى عليكم، وأنتم خير المتابعين والمهتمين، الظروف الإستثنائية، في صعوبتها وتعقيداتها، التي يمر بها لبنان. فنحن نواجه منذ سنوات عدة، أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخنا، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة أبنائه.
وجدت الحكومة اللبنانية نفسها أمام أزمة غير مسبوقة، حتّمت علينا السير ببطء وحذر شديدين لتدارك الوضع وتأسيس الأرضية المناسبة للمساهمة في الوصول بالبلاد الى بر الأمان. وبالرغم من هذه الظروف، نجحنا في تحقيق العديد من الأهداف التي وضعناها، ومن أبرزها إجراء الإنتخابات البرلمانية في موعدها، وتوقيع إتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، وإيجاد نظام طارئ للأمن الاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، ونواصل العمل للسير قدماً بكل الإصلاحات التشريعية والإدارية الضرورية للخروج من محنتنا الحاضرة.
كما نجح لبنان، مؤخراً، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود الجنوبية لمنطقته الإقتصادية الخالصة ،ونأمل أن يكون ذلك بداية مسار يقود إلى ازدهار لبنان ورخاء اللبنانيين والتوافق على انتخاب رئيس جديد يلم شمل اللبنانيين.
وفي سياق جهودنا هذه لا بد لنا من شكر الإخوة العرب الذين لبوا النداء، ولا نزال، نعوّل على مساعدة جميع الإخوة العرب للبنان.
وإننا إذ نستذكر إتفاق الطائف الذي أرسى معادلة الحكم في لبنان، فلتأكيد إلتزامنا التام به، وعدم تساهلنا مع أي محاولة للمسّ بجوهره.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
لا أجد في ختام كلمتي أفضل من الدعوة الصادقة إلى التكاتف والتعاون، وتفعيل التنسيق وتعميقه في ما بيننا ومدّ جامعة الدول العربية بمزيد من الدعم للقيام بدورها في هذه الظروف التاريخية. وفي هذا السياق يتمسك لبنان بإنشاء المركز القانوني العربي على أرضه وخصّص قطعة أرض لبنائه.
في المنعطفات الكبرى التي تتهدد فيها الخرائط الجيوسياسة، تقتضي الحكمة أن يزداد إلتفاف أمّة العرب حول نفسها بحيث لا يغيب أيّ من أركانها عنها، ولا تبقى بعض نواحيها مكلومة أو مأزومة.
كما أؤكد إلتزام لبنان بقرارات الجامعة العربية ودعم هذه المؤسسة للقيام بدورها في هذه الظروف التاريخية، وأعلن تضامننا الكامل مع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
في النهاية لتتشابك الأيدي العربية لإنقاذ بلدي لبنان الذي يعتز بالعروبة والمُحِبْ لأشقائه.
أطيب التحيات لكم من لبنان، هذا الوطن الصغير الذي يمكن أن يكون له دور كبير في خدمتكم، إذا أحيط بحب كبير منكم.
لا تتركوه وحيداً. والسلام عليكم.