الرئيس ميقاتي لـ "الرياض": السعودية كانت وستبقى الشقيق الأكبر للبنان
الخميس، ١٨ أيار، ٢٠٢٣
جريدة الرياض - عبد العزيز الشهري
أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أن انعقاد القمة العربية في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع يكتسب أهمية مزدوجة، فهو من جهة يؤكد دور المملكة البارز والفاعل والريادي في العالم العربي والمنطقة، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، الذي يقود عهد النهضة السعودية، بثقة وعزم من خلال تنفيذ "رؤية 2030" التي تحقق للمملكة نهضة تطويرية على المستويات كافة، وهذا ما يترجم من خلال الحركة النشطة لتنمية وتنويع الاقتصاد بكل جوانبه ومرتكزاته، وتطوير التعليم والتنمية البشرية المستدامة.
وأضاف ميقاتي: "مَن يذهب إلى السعودية سيفاجأ بالتغيير الحاصل، خاصة أن معظم المواطنين السعوديين هم من جيل الشباب، الذين دخلوا الحداثة والتكنولوجيا بكل معانيها".
وأكد أن الفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى القيادة السعودية، التي تقود مشروع نهضة حقيقي، لجعل السعوديين صانعين لعالم أكثر رخاء ورحابة وجمالاً، حاملين معهم طموحاً لا سقف له، ومشروعات جريئة سباقة، وتراكماً من التاريخ والمعرفة والثقافة والتراث.
وأشار إلى أن أكثر ما تتميز به خطة سمو ولي العهد، أنها تعرض تحولاً جذرياً في الاقتصاد السعودي، من خلال طرح أفكار جديدة يدفع تنفيذها باقتصاد المملكة أشواطاً سريعة نحو الأمام، إنها بحق خطة تحمل بذور النجاح في التخطيط والتنفيذ، خاصة أنها تطمح إلى بناء قطاعات إنتاجية وصناعية، واستثمارات تخفف من الاعتماد على عائدات النفط.
أما الأهمية الثانية للقمة في هذا التوقيت، فتتمثل في مواكبة التطورات الكبيرة التي حققتها المملكة، أولاً، على صعيد التفاهمات في المنطقة، إضافة إلى الأحداث المختلفة التي تحصل وينبغي مواكبتها والتفاعل معها، ناهيك عن الملفات الضاغطة والطارئة التي تشهدها المنطقة وتبدّل خارطة التفاهمات والاستراتيجيات.
كما تطرق أيضاً إلى الحديث عن العديد من الموضوعات، نتناولها في الحوار الآتي:
- بداية، كيف تصف زيارتكم إلى المملكة، وأهمية انعقاد القمة في هذه المرحلة والتوقيت؟
على الصعيد اللبناني تكتسب القمة أهمية قصوى في هذا التوقيت، أولاً من جهة المساهمة العربية الفاعلة في دفع الحلول المطلوبة لمعالجة الأوضاع الراهنة، عبر ثوابت أساسية كان للمملكة العربية السعودية دور أساسي في إرسائها، من خلال اتفاق الطائف، الذي لا يزال يشكل الإطار المناسب لإدارة شؤون البلاد، وعمل المؤسسات الدستورية.
كما أننا نتطلع إلى أن تشكل القمة، فرصة لطرح الإشكاليات الأساسية المرتبطة بوضع النازحين السوريين في لبنان، والذي بات يشكل ضغطاً كبيراً على الواقع اللبناني برمته، وتهديداً جدياً للاستقرار فيه، مما يتطلب تعاوناً عربياً أولاً، ومع المجتمع الدولي لمعالجة هذه المعضلة، ومما لا شك فيه، أن التفاهمات العربية – العربية التي طرأت أخيراً تشكل عاملاً مساعداً للإسراع في معالجة هذا الملف الشائك.
- التقيت خلال زيارتك للمملكة بسمو الأمير محمد بن سلمان، كيف وجدت شخصيته واهتمامه بالملف اللبناني؟
اللقاء الذي عقدته مع الأمير محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية كان قائماً على الصراحة، حيث عبّر عن دعمه للبنان للخروج من أزمته، ودعم مؤسساته، ولكن شرط تنفيذ الإصلاحات البنيوية المطلوبة، وقيام المؤسسات اللبنانية بدورها الكامل، لا سيما لجهة انتخاب رئيس جديد للبنان. وكان واضحاً في مقاربته، حيث أكد أن الأولوية هي لقيام اللبنانيين بواجباتهم، وبالإصلاحات الأساسية، وبمنع أي تهديد يطال أمن المملكة وسلامتها. وفي هذا الملف، فإن الحكومة اللبنانية تقوم بكل الإجراءات المطلوبة لمنع تكرار أي تهديد تتعرض لها المملكة العربية السعودية، أو أي دولة عربية أخرى، وإرسال أي ممنوعات تهدد سلامة المجتمع السعودي انطلاقاً من لبنان.
إن ما يحصل في المملكة أحدث ثورة حقيقية بناءة، من خلال القيام بورشة إصلاحات طوّرت مفهوم الحداثة في المملكة، وحققت قفزات نوعية كبيرة يشهد لها الجميع. ومما لا شك فيه أن التفاهمات الإقليمية التي عقدتها المملكة، سوف تساهم في إرساء الاستقرار في المنطقة، وتدفع قدماً بعملية النهوض والتطور.
فيما يتعلق بالملف اللبناني، فمن خلال التواصل مع سمو ولي العهد، لمست حرصه على أمن لبنان واستقراره، وعلى استمرار الدعم الإنساني الذي تقدمه السعودية للشعب اللبناني. وإنني على ثقة أن المملكة كانت وستبقى الشقيق الأكبر للبنان، وتسعى في كل المحافل العربية والدولية للمحافظة على أمنه واستقراره، وسلامته، ووحدة أبنائه.
- كيف تعمل الحكومة اللبنانية على تسيير الأوضاع في البلاد، رغم أن مجلس الوزراء شبه معطل، وما آلية اتخاذ القرارات في هذه الحالة؟
ما نقوم به في الحكومة، هو معالجات آنية مطلوبة وأساسية لوقف الانهيار، وتأمين استمرارية عمل الدولة والمؤسسات، وإجراءات موضعية لوقف الانهيار، ولكن هذه الإجراءات ليست الحل النهائي. ولذلك فالمطلوب تعاون المجلس النيابي وكل القيادات السياسية، للإسراع في انتخاب رئيس جديد، مما يتيح للبلد فترة سماح تترافق مع تشكيل حكومة جديدة، واستكمال ورشة الإصلاحات، لولوج باب الحل والتعافي.
لا خيار أمامنا إلا القيام بالإصلاحات المطلوبة، والتعاون مع صندوق النقد الدولي، الذي يشكل الباب المتاح للحصول على الدعم الدولي للبنان.
وهذا الأمر لمسته من كل الاجتماعات واللقاءات التي أعقدها في الخارج، وهناك شبه إجماع، أن لا حل إلا من هذا المدخل، ولا مساعدات للبنان قبل إنجاز الإصلاحات. وهذا أيضا ما لمسته من سمو ولي عهد المملكة شخصياً، الذي شدد على أولوية قيام اللبنانيين بواجباتهم، وعدم انتظار الحلول من الخارج.
فلا بديل عن تعاون المكونات السياسية كافة، على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، لأن البلد من دون رئيس سيظل يعاني من خلل بنيوي أساسي، لا تعوضه الحلول المؤقتة.
- كلمة تحب أن توجهها من خلال "الرياض" في نهاية هذا الحوار؟
أهنئ قيادة المملكة على انعقاد هذه القمة المهمة في هذا التوقيت، داعياً المولى أن يمنّ عليها بالأمن والرخاء، لتبقى منارة في الشرق والعالم.