
الرئيس ميقاتي دعا الجميع إلى التعاون لتحقيق الورشة الإصلاحية لأن المسألة لا تخص الحكومة وحدها بل تعني كل القطاعات وجميع اللبنانيين
الإثنين، ٢٣ كانون الثاني، ٢٠١٢
أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "العمل على إنشاء صندوق سيادي يخصص لعائدات التنقيب عن النفط والغاز، وتكون هذه العائدات لإستحقاقات الدين العام فقط ، ولا تصرف منها أي نفقة قبل أن يتراجع حجم الدين إلى ستين في المئة من الناتج المحلي".
ودعا الجميع "إلى التعاون لتحقيق الورشة الإصلاحية الضرورية لا سيما على صعيد الكهرباء والضمان الإجتماعي والتعليم والصحة وسائر القطاعات الإنتاجية والتنموية". وإذ شدد على "أن علينا جميعا التعاون لأن المسألة لا تخص الحكومة وحدها بل تعني كل القطاعات وجميع اللبنانيين".
وكان الرئيس ميقاتي قد لبى دعوة جمعية مصارف لبنان إلى لقاء حواري تناول مجمل التطورات السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية في البلاد، في حضور وزير الإقتصاد والتجارة نقولا نحاس، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأعقبه غداء تكريمي.
طربيه
في بداية اللقاء ألقى رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه الكلمة الآتية: تتشرف جمعيتنا اليوم بهذا اللقاء الذي يجمع مجلس إدارتنا بدولة الرئيس نجيب ميقاتي وسعادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللذين أرادا تكريم القطاع المصرفي في لبنان وقبول ضيافتنا على الغداء داخل هذا الصرح الذي دأب على خدمة لبنان وإقتصاده وعلى المساهمة بقوة في سياسة الإستقرار النقدي والمالي وعلى خدمة القطاع المصرفي ذاته الذي يعتبر مركز الثقل في حياة لبنان الإقتصادية.
أضاف: إن تاريخ المصارف في لبنان هو تاريخ النجاح والتميز في منطقة عانت في الخمسين سنة الأخيرة من أقسى التقلبات السياسية والعسكرية والحروب والإنقلابات وقيام أنظمة إقتصادية أفقرت وقهرت شعوبها حيناً بدعوى الإشتراكية والعروبة وحيناً آخر بإسم القضية القومية، ولكنها إتسمت في كل وقت وزمان بالفساد العارم والبيروقراطية المعيقة لكل تطور ولأي تطور. في موازاة ذلك، كانت جمعيتنا تساهم في بناء قواعد النظام الإقتصادي الحر من خلال قانونٍ للنقد والتسليف شرّع إستقلالية البنك المركزي بريادةٍ ميَّزت لبنان عن العديد من الدول حتى المتطورة في حينه، وفي وضع التشريعات المصرفية والمالية والتي جعلت من لبنان مركزاً مالياً ومصرفياً متميزاً في هذه المنطقة من العالم.
وقال: وفي عزّ الحرب الأهلية تخطينا الحواجز التي إرتفعت، والدويلات التي أقيمت، وأوصلنا الخدمات المصرفية عبر فروعنا إلى كل المناطق وإلى كل الناس. وفي مقابل وضع قوى الأمر الواقع يدها على موارد الخزينة، وفّرنا للمالية العامة الأموال اللازمة لديمومة عمل الدولة بل لديمومة الدولة ذاتها. ووفرنا للدولة منذ مطلع التسعينات حتى اليوم وفي ظل تعاقب الحكومات من مختلف الأحزاب والقوى جُلَّ إحتياجاتها التمويلية، وقد تخطت حالياً ما يقارب ثلاثين مليار دولار 44% منها بالعملات الأجنبية و 56% بالليرة أي ما نسبته 77% من الناتج المحلي الإجمالي. فساهمنا بذلك في إستقلالية القرار السياسي، بمنأى عند تدخل المؤسسات المالية الدولية أو المصارف العالمية، يوم كان تدخلها وتقييد القرار السيادي للدول (كتركيا وباكستان والبرازيل والمكسيك) هو السمة البارزة لديها.
وقال: طبعاً لم يكن ذلك ممكن التحقيق لولا القيادة الحكيمة والفعّالة للسلطة النقدية والسياسة النقدية التي وفّرها سعادة الحاكم رياض سلامة، حتى في أشدّ المراحل خطورةً بوجه بعض أهل الداخل وبوجه بعض أهل الخارج، بما فيها رفض نصائح صندوق النقد الدولي بالتخلّي عن ربط الليرة بالدولار أي عن الإستقرار النقدي. الحملات الداخلية والدولية تستمر بأشكالٍ ووسائل إعلام مختلفة، ولكنها لن تأتي على الإستقرار النقدي الذي إرتضيناهُ كسياسة، وإن بكلفة عالية. فالإستقرار النقدي ضروري أساساً للقوة الشرائية لذوي الدخل المحدود والأُجَراء وكذلك للإستقرار الإجتماعي والسياسي في البلد، وأخيراً لجعل القدرة التمويلية للقطاع المصرفي متاحة من خلال جذب الإستثمارات والأموال إلى لبنان.
أضاف: لم يَحُل إلتزامنا القطاع العام دون توفير كامل الإحتياجات التمويلية للقطاع الخاص اللبنانـي، وهو مولّد الدخـل الوطني ومحرّك النشاط الإقتصادي وموفّر فرص العمل. وقد تعدّت تسليفاتنا الإجمالية للقطـاع الخاص المقيم وغير المقيم صافيةً من الديون المتعثرة 41 مليار دولار، أي ما يوازي 100% من الناتج المحلـي الإجمالي. ونُجري للقطاع الخـاص مدفوعاته الداخليـة والخارجيـة بكفاءَة عالية وكلفة متدنية. وليس أدلّ على ذلك من حجـم مقاصة الشيكات التي تخطّت عام 2011 عدداً 13 مليـون شيك وقيمةً ما يزيد عن 72 مليار دولار اميركي. وينسى الناس أحياناً أن القطاع المصرفي اللبناني إستطاع بما يتمتّع به من مصداقية وثقة لدى اللبنانيّين أن يستقطب حجماً غير مسبوق وهاماً جداً من المدخرات اللبنانية في الداخل وفي المغتربات. فودائع القطاع المصرفي تقارب حالياً في المصارف العاملة في لبنان فقط 121 مليار دولار أميركي. إنها ثروة اللبنانيين، ونحن نسهر ونحافظ عليها بكل كفاءَة وآمان.
وقال: وفي خدمة القطاع الخاص أيضاً دخلنا شركاء فاعلين مع الدولـة في آليـة دعم الفوائد ومع البنك المركزي في صيغ إستعمال أو تخفيض الإحتياطـي الإلزامي للقطاعات المنتجة، وكذلك لتوفير مساكن لذوي الدخل المحدود ولفئـات خاصة كالقضاة والعسكريين والمهجّرين. فقد بلغت المبالـغ التـي وفّرناها من خلال الإقراض المدعوم حتى الآن بمجموعها ثمانيـة مليارات من الدولارات، معظمهـا أي ما يفوق 70%، يعود لآليـات الإحتياطـي الإلزامـي وما تبقّى، أي أدنى من 30% لدعم الفوائد. والمصارف تتحمّل وحدهـا من دون الدولـة أو البنك المركزي أو الجهات الدولية المخاطر التجاريـة ومخاطـر السـوق لهذه القروض. وكذلك هي الحال مع الأموال التي وفّرتها لنا مؤسسات دولية وصناديـق إقليميـة لتمويل الأنشطة والمشاريع بشروط ميسَّرة. فقد موّلنا في المجال السكني وحده وبالعودة إلى آليات الدعم ما يزيد عن 70 ألف وحدة سكنية بمبلغ فاق خمسة مليارات دولار، أي بمتوسط يناهز 71 ألف دولار للمنزل الواحد. وقد بلغت المساكن المموَّلة من خلال بروتوكول التعـاون مع المؤسسة العامة للإسكان وحدَها اليوم 50.000 مسكن، أي أن 50 ألف أسرة أصبحت تملك مساكنها. وسنستمر في إيلاء الإقراض السكنـي حيّزاً هامـاً من نشاطنا لأهميته في الإستقرار الإجتماعي. وليس ما يمنع بل سنكـون متعاونين مع الحكومة والبنك المركزي لتمويل ترميم الأبنية المتداعيـة، وتمويـل مساكن جديدة، أو شراء مساكنهم من قبل المستأجريـن في حـال أُقرّ قانون عادل للإيجـارات. وقد آن الأوان لإفراج المجلس النيابي عنـه.
وقال: ليست لدى جمعيتنا وقطاعنا مطالب نتقدم بها اليوم. ما سأقولـه يشكّل قناعات مشتركة بيننا وبينكم، ولنا بكم كامل الثقة كرجل دولة وكرئيس حكومة وكرجل أعمال.تحوط بنا أوضاع إقليمية ودولية أقل ما يقال فيها إنها تحمل تحدياتٍ بل مخاطر كبرى يتداخل فيها السياسي بالأمني والإقتصادي والمالي بالإجتماعي. ويستدعي التصدي لها أو حتى التأقلم معها تكامل وتكاتف الجهود، جهودنا جميعاً، وبالكاد قد نتخطّاها بنجاح نسبي أو بالحدّ الأدنى من الخسائر، فكيف إذا تصرّفنا إزاءها بتناحر؟ ومن منطلقات فئوية ضيقة وآنية !..
إن تعاملكم على المستوى السياسي– الأمني أراح البلد منذ بدء عمل الحكومة. ومن المهم إستمرار هذا المنحى وتأكيده. وقد جاءت عملية تصحيح الأجور بتوافق طرفَيْ الإنتاج، وبجهد مشكور ومنكم شخصياً ومن وزيري العمل والاقتصاد، وبالرغم من التجاذبات الحادة أحياناً جاءَت عادلة للجميع ضمن المعطيات القائمة. ويمكن تحسين الأوضاع الإجتماعية بشكل أوسع من خلال تصحيح الأوضاع السيّئة المتفاقمة في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي حيث للمؤسسات وللمستشفيات مئات ملايين الدولارات من المتأخّرات لسنواتٍ، ناهيك بما يعانيه المضمونون من إذلال جرّاء المطالبة بحقوقهم من التقديمات عند أبواب الضمان. ونأمل أن يتمّ التعاون بيننا كهيئات وبين الإتحاد العمالي العام لإنهاء ورشة إصلاح الضمان الإجتماعي ولإقرار مشروع ضمان الشيخوخة الذي يُعطي حلاً للضمان الصحي بعد سن التقاعد. إننا ندعم بشدّة ما يقوّي النسيج الإجتماعي في لبنان، فكلّنا أبناءٌ لوطنٍ واحـد نتقاسم مصيراً مشتركاً ونعمل لمستقبل واعد.
وقال : على المستوى المالي، ولا سيّما في ما يخصّ المالية العامة للدولة، نأمل أن يدفعنا ما تعانيه دول أوروبية عريقة من تخفيض في مكانتها من قبل مؤسسات التقويم العالمية، ومن تفاقم في عجوزاتها ومديونيتها وكلفتها، وملامسة حدود الإفلاس وعدم الإستقرار السياسي والإجتماعـي، لكي نقـارب بمنتهى العقلانية وضع المالية العامة لدينـا. فالوقت لشدّ الأحزمـة وضبط النفقـات ولترشيدها بعيداً عن الإعتبارات الضيّقة والفئوية. والوقت للإمتناع عن أية إجراءات قد تدفع مؤسسات التصنيف العالمية إلى تخفيض درجة لبنان المنخفضة أصلاً. فلا يجوز إعطاؤها أسباباً لتُخرجنا من الخريطة والأسواق. فالوقت ليس وقتاً للطروحات الشعبوية و/أو المرتجلة.
وقال طربيه: الوضـع دقيــق فعــلاً، ومن قناعاتنا المشتركة أيضاً، دولة الرئيس، أن نجدّد التأكيد على دعم روح المبادرة الخاصة والحفاظ على الإقتصاد الحر والإنفتاح على الأسواق العالمية. فقد سمح لنا هذا النظام بنمو إقتصادي ومستوى معيشة لشعبنا ما كانا ممكنَيْن في بلد صغير ودون موارد تُذكر. وقد سمح لنا هذا النظام القائم على الحرية والمبادرة كذلك بإجتذاب الرساميل والإستثمارات من اللبنانيين المنتشرين في كل أنحاء العالم ومن مجتمع الأعمال اللبناني والعربي.
أضاف: أن تُجارينا الشعوب العربية اليوم والشباب العربي صانع الربيع إلى تغيير جذري في مناخ الأعمال وإلى توفير الحرية السياسية والإقتصادية وإرساء آليات ديمقراطية لانتقال السلطة وتداولها، كلّ هذه التطلّعات تُشعرنا نحن اللبنانيين بأحقّية وصوابيّة النموذج الذي إخترناه منذ عقود وعقود. ونعلن تمسّكنا به ونصرُّ على تجديده وعلى تطويره بعيداً عن التقوقع والإنغلاق، وقد أكّدت وأشادت به بالأمس في مؤتمر الإسكوا الأوساط العربية والدولية. فليس مقبولاً أو مسموحاً لأية فئةٍ أو مجموعة جرّنا إلى أنظمة وقوانين وممارسات كلّها من الماضي العربي والعالم ثالثي التي أثبتت تخلّفها وإنعدام فعاليتها الإقتصادية والإجتماعية.طبعاً ليس نظامنا خالياً من العيوب. ولا بدّ من تصحيح الخلل الكبير في توزيع المداخيل. فحصة الأجور لا تُزاد بقرارات إدارية، بل من خلال خلق فُرص عمل جديدة ومن خلال رفع إنتاجية الإقتصاد والموارد البشرية. إنها عملية تدريجية وبطيئة بطبيعتهـا.
وقال طربيه: في خضمّ التطورات الجذرية القائمة حولنا نتفاجأ بإدراج تعديلات ضريبية تتسلّل إلى مشروع الموازنة، ويُخشى إن أُقرّت أن تغيّر في غفلةٍ من الزمن أطراً قانونية راسخة منذ عقود، وأن تهّدد أنظمة شركات الهولدنغ والأوف شور وغيرها من المنظومة القانونية التي أثبتت جدواها. ونتفاجأ كذلك بتفسيرات إستنسابية للقوانين ولفرض الغرامات وللإجراءات الضريبية، والتي يُخشى معها تهجير العديد من الأعمال والإستثمارات إلى الدول المحيطة أو البعيدة بحيث تفقد بيروت ولبنان القدرة على المنافسة. وبدلاً من تحقيق إيرادات إضافية للخزينة، ستؤدّي هذه الإجراءات في الواقع إلى خسائر كبيرة وأضرار فادحة للخزينة و لكامل مجتمع الأعمال الصناعي والتجاري والسياحي والمالي. ومن هنا ضرورة أن تضع حكومتكم حداً سريعاً لهكذا توجّهات وتفسيرات وتكاليف.
وتابع طربيه : إسمحوا لي أخيراً بأن أقول كلمة مقتضبة في القطاع المصرفي الذي يتعرّض منذ فترة لحملة مركّزة في بعض الأوساط الصحافية العالمية. وطبعاً يستهدفون من خلاله أوضاعاً لا تمّت إلى القطاع بصلـة. والحقيقة أننا نعمل منذ عقدين على تحديث العمل المصرفي والمالي في لبنان، بتعاون وثيق مع السلطات، من خلال إعتماد قواعد الصناعة المصرفية العالمية، ومن خلال إتفاقية الحيطة والحذر والقانون 318/2001 والتعاميم المرتبطة به، ومن خلال الموارد المادية والبشرية الهامة والمتزايدة التي نخصّصها في هذا المجال . لقد أرسينا أنظمة وآليات تسمح لنا بإبقاء القطاع المصرفي بعيداً عن إستعماله للعمليات غير المشروعة، الأمر الذي كان موضع تقدير من المجتمع الدولي. كما تُتاح للرأي العام بدرجة عالية من الشفافية والإفصاح والنشر مطلوباتنا وموجوداتنا ونتائجنا الموقَّع عليها من أفضل شركات التدقيق العالمية. وتشهد على ذلك كل المرجعيات الدولية في الدول الكبرى وفي المنظمات والمؤسسات المالية العالمية، وتؤكّده في تقاريرها. ونأمل من دولتكم تكثيف العمل داخل الحكومة ومع القوى السياسية لحماية وتحييد القطاع المصرفي عن كل التجاذبات، لأنه يجمع مصالح كل اللبنانيين ويسهر على رعايتها والنأي بها في عملياته عن كل ما يُعرّض هذه الثروة الوطنية لأية أخطار داخلية أو خارجية.
وقال: قوةُ قطاعنا المصرفي الذي يدير حالياً موجوداتٍ قاربت 150 مليار دولار، بل 168 ملياراً إذا ما أُضيفت موجودات مصارفنا الشقيقة والتابعة في الخارج، صنعها تلاقي عنصرين إثنين : أولّهما مساهمون وإدارات خبيرة وواعية وذات رؤية وكفاءة. وثانيهما سلطات نقدية بدورها خبيرة وواعية ذات رؤية وكفاءة، وها هما اليوم تلتقيان معكم لتجدّد الثقة بكم، ولتتمنّى لكم التوفيق في مسيرة الحكم في هذه الحقبة الصعبة والملأى بالمخاطر والمفاجآت. شـكراً لزيارتكـم الكريمـة إلـى هذا الصرح، إلى جمعية مصارف لبنـان، جمعيـة كـل لبنـان.
الرئيس ميقاتي
ثم تحدث الرئيس ميقاتي فقال: أعبر عن سعادتي لتلبية دعوتكم اليوم، خاصة أنني أزور صرحاً إقتصادياً كبيراً يرتكز عليه الإقتصاد اللبناني. منذ تسلمي مسؤولية رئاسة الحكومة وضعت في سلم أولوياتي موضوع الإستقرار في البلد، لأنه لا يمكن الحديث عن نمو أو تطوير إقتصادي من دون وجود إستقرار . في خلال الفترة الماضية أكدنا على هذا الأمر، وباتت هناك قناعة لدى الجميع بضرورة الحفاظ على الإستقرار الذي يتواكب حتماً مع إنجازات كثيرة خاصة في القطاع المصرفي. نحن نشدد على الإستقرار، لأن القطاع المصرفي هو من أهم القطاعات الإقتصادية اللبنانية ويشكل حزام أمان للبنان.
وقال الرئيس ميقاتي: في مواجهة كل الضغوطات الإقتصادية العالمية هناك ضمانات من داخل القطاع المصرفي قوامها أمران الأول: حكمة سعادة حاكم مصرف لبنان، حيث وصلنا إلى رقم قياسي في الإحتياط النقدي لدى مصرف لبنان، وبالمقارنة مع كل المراكز المصرفية في العالم نرى أنه في لبنان لدينا أعلى نسبة في الحضور المصرفي.
أما الضمانة الثانية فتتمثل بالإدارة الفاعلة للقطاع المصرفي في شكل عام، بحيث وصلنا إلى أرقام أساسية للسيولة النقدية داخل المصارف، ويمكنني القول أننا مطمئنون إلى الإستقرار الحاصل في القطاع المصرفي وإلى التوسع القائم في هذا القطاع.
أضاف: نحن حالياً في صدد مناقشة الموازنة العامة، وهي ليست فقط أرقام وحسابات، بل رؤية تأخذ بعين الإعتبار بعض الأمور الأساسية. لقد أعددت مع فريق العمل دراسة كاملة لكيفية مقاربة الموزانة سنوزعها على السادة الوزراء ونناقشها مع معالي وزير المال، وهذه الدراسة ترتكز على البنود الأساسية الآتية:
أولاً: شمولية الموازنة بحيث تتضمن موازنات كل المجالس والإدارات في الدولة ،لا أن تكون موازنة مجزأة.
ثانياً: سنوية الموازنة لكي نعرف سنوياً حجم الإنفاق والواردات، فلا تتراكم الأرقام من باب إلى اخر، ومن موازنة إلى أخرى.
ثالثاً: منطقية الأرقام، إذ أن المطلوب أن تكون أرقام الموازنة منطقية وتعطي الموازنة صدقية. ويجب أن يتواكب هذا الأمر مع مجموعة من التشريعات والقوانين التي يجب أن تاخذ مجراها القانوني والدستوري.
وقال: أيضاً من سلم أولوياتنا تحقيق ثلاث مسائل، أولها وضع سقف للعجز السنوي في الموازنة نسبة إلى الناتج المحلي، إذ لا يجوز أن نتصرف كأنه لا سقف للعجز. لسوء الحظ فإن سقف العجز اليوم هو عال جداً، وعلينا العمل على تخفيضه إلى ما دون السبعة في المئة من الناتج المحلي إلى أن يصل في خلال سنوات إلى ما دون الخمسة في المئة. حالياً لا يمكننا الحديث عن خفض العجز إلى ما دون الخمسة في المئة، لأن العجز في قطاع الكهرباء وحده يتجاوز الأربعة في المئة، ويجب علينا معالجة ملف الكهرباء لخفض قيمة العجز.
أضاف: الأمر الثاني الذي نأخذه بعين الإعتبار، وقد نجحنا فيه نسبياً خلال الفترة الماضية، هو تحقيق توازن معين بين الدين الداخلي والدين الخارجي، وقد وصلنا إلى مرحلة بلغ فيها الدين المحلي نسبة ستين في المئة، في مقابل دين خارجي بنسبة أربعين في المئة ، بعدما كانت النسبة معكوسة في السابق.
وقال: الأمر الثالث المهم الذي نعمل على تحقيقه هو إنشاء صندوق سيادي يخصص لعائدات التنقيب عن النفط والغاز، وتكون هذه العائدات لإستحقاقات الدين العام فقط، ولا تصرف منها أي نفقة قبل أن يتراجع حجم الدين إلى ستين في المئة من الناتج المحلي.
وقال: في موازة هذه الإشارات الثلاث الأساسية، نحن في صدد القيام بورش عمل إصلاحية هي في حاجة إلى تعاون الجميع ، لا سيما على صعيد الكهرباء والضمان الإجتماعي والتعليم والصحة وسائر القطاعات الإنتاجية والتنموية. علينا جميعا التعاون لأن المسألة لا تخص الحكومة وحدها بل تعني كل القطاعات وجميع اللبنانيين. برنامجنا واضح قوامه الإستقرار لمواكبة النجاحات التي حققها القطاع المصرفي والمحافظة عليها، لأن هذا القطاع هو العامود الإقتصادي للإقتصاد اللبناني، بالإضافة إلى تنمية القطاعات الإنتاجية وإصلاح القطاع الإداري، والحكومة ستـأخذ في خلال مقاربتها لموضوع الموازنة هذا العام ، هذه المؤشرات الإقتصادية الثلاث بعين الإعتبار.
وختم بالقول: نكرر ثقتنا بسعادة حاكم مصرف لبنان وبالقطاع المصرفي اللبناني وإلى مزيد من الإزدهار والتقدم.
نشاط السرايا
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إستقبل عميد السلك القنصلي في لبنان جوزف حبيس ووفداً من أعضاء السلك قبل ظهر اليوم في السرايا.
في خلال اللقاء نوه رئيس مجلس الوزراء بدور السلك القنصلي في تعزيز روابط لبنان مع الدول التي يمثلها القناصل، والذي يتكامل مع دور ومهام السلك الديبلوماسي.
وقال: إننا نعمل لكي يكون لبنان على أفضل العلاقات مع كل الدول، ما عدا إسرائيل الدولة العدوة المحتلة، ولا مصلحة لنا في مخاصمة أي دولة، بل على العكس مصلحتنا أن نكون على أفضل العلاقات مع الجميع وأن يبقى لبنان جسر العبور بين الشرق والغرب.
وقال: عندما جاء الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان قال كلاماً عن دور لبنان نفخر به، لا سيما خلال مرحلة ترؤس لبنان مجلس الأمن الدولي، إذ قال إن لبنان تمكن من إجتراح الحلول، ولا يمكن إجتراح حلول إذا لم نكن قادرين على بناء الجسور مع الجميع.
عميد السلك القنصلي
بعد اللقاء وزع عميد السلك القنصلي حبيس بياناً أشار فيه إلى "أن اللقاء كان فرصة لإجراء جولة افق واسعة في الوضعين اللبناني والإقليمي، وقد أشدنا بالجهود التي يقوم بها الرئيس ميقاتي لإيجاد المخارج للأزمات المستعصية، وهي كانت موضع ترحيب وتأييد لبناني ودولي".
أضاف: "في خلال اللقاء وضعنا دولة الرئيس ميقاتي في الأجواء الداخلية بمواضيعها العديدة، لا سيما الإقتصادية منها والإجتماعية، والجهود التي يبذلها من أجل إيجاد الحلول التي تصون الإقتصاد في البلاد".
وختم بالقول: نحن نقدر ما يواجه الرئيس ميقاتي من أزمات داخلية متراكمة يسعى إلى حلها، وأيضاً التطورات الإقليمية الضاغطة التي يسعى لإبقاء البلاد بمنأى عنها، ولا يسعنا إلا أن نقدر دعمه الدائم للقناصل الفخريين، وتمنينا لرئيس الحكومة دوام التوفيق بمهماته، وكذلك الصحة والعافية له ولعائلته".
النائب الجمّيل
وإستقبل رئيس مجلس الوزراء النائب نديم الجميّل الذي قال: إستكملنا مع دولة الرئيس ميقاتي الإجتماعات التي عقدناها مع وزير الداخلية بشأن المبنى المنهار في فسوح، وقد وضعت دولته في صورة ما توصلنا إليه، وشددنا على ضرورة إستمرار إهتمامه بهذا الموضوع، وشكرناه على ما أبداه من إهتمام الأسبوع الفائت بأهالي الضحايا والمبنى. وقد تم الإتفاق مع وزير الداخلية على بحث هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء اليوم أو غداً لكي يبت به وأخذ القرار بإعادة ترميم المبنى المجاور حتى يعود الأهالي إلى منازلهم في أسرع وقت.
سئل:ماذا كان رد الرئيس ميقاتي؟
أجاب: الرئيس ميقاتي كان متجاوباً جداً، وأعتقد أن الموضوع سيبحث اليوم، وهو في إنتظار تقرير لجنة الخبراء التي شكلت من قبل نقابة المهندسين وعلى أساسه سيبت الموضوع في أسرع وقت في مجلس الوزراء.
سئل: ما هي الخطوات التالية التي سيقوم بها نواب الأشرفية على هذا الصعيد؟
أجاب: نحن مستمرون بالوقوف إلى جانب أهالي الضحايا، وبالأمس قمنا بحملة تبرعات ،وكان التجاوب ممتازاً من قبل المجتمع المدني، وستستمر هذه الحملة على مدى أسبوع، لتأمين منازل جديدة للسكان ليتمكنوا من العودة بعزة وكرامة.






