
الرئيس ميقاتي في افطار دار الايتام الاسلامية: عازمون على المضي في ورشة العمل الحكومية رغم الصعوبات والعراقيل
الثلاثاء، ١٦ آب، ٢٠١١
أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أننا عازمون على المضي في ورشة العمل الحكومية رغم كل الصعوبات والعراقيل المعروفة أو المستجدة، على قاعدة أساسية هي التمسك بالاصول والقوانين وحفظ المال العام، بعيدا عن ضغط المواقف والتصاريح التصعيدية من هنا وهناك، أو لغة التهديد التي يحلو للبعض إستخدامها". وشدد على "أن اللبنانيين سئموا الجدالات السياسية التي لا طائل منها، ويريدون أن يشعروا فعلا أن الحكومة تهتم بأولوياتهم الاجتماعية والانمائية، وأن المال العام الذي يجنى من جيوبهم يصرف في موقعه الصحيح". وأكد "أنه من هذا المنطلق تأتي مقاربتنا لملف الكهرباء الذي نحن في صدد دراسته وفق مشروع قانون سيناقش في مجلس الوزراء في خلال الايام المقبلة لوضع الضوابط القانونية والادارية الكفيلة بحسن تطبيقه". وشدد على "أننا نفترض دائما أن ما تواجهه هذه الحكومة من حملات ومواقف رغم دقة الظرف وحراجة الوضع المقصود منه تصحيح مسار او تصويب خيار، ولا نظنن يوما أن الهدف من وراء ذلك هو النيل من مقام رئاسة مجلس الوزراء".
وكان الرئيس ميقاتي يتحدث غروب اليوم في حفل إفطار مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الايتام الاسلامية في مجمع بيال في وسط بيروت، في حضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، الرؤساء حسين الحسيني، سليم الحص، فؤاد السنيورة ممثلا الرئيس سعد الحريري، ووزراء ونواب وشخصيات.
بداية كلمة رئيس عمدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية فاروق جبر قال فيها "إن نشاطات المؤسسات تشمل كل المحافظات اللبنانية نتيجة قرار استراتيجي اتخذه مجلس العمدة للذهاب بخدماتنا وخبراتنا المتراكمة الى المناطق برؤية اجتماعية تنموية شاملة". واشار الى "احتفال سيجري الشهر المقبل لافتتاح مجمع الضنية للرعاية والتنمية بمكرمة من "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية".
ثم تحدث المدير العام لمؤسسات الرعاية الاجتماعية محمد بركات فقال "سيصار الى تدوين بناء دار الايتام التنظيمي والاداري والمالي وسيصدر مقترنا مع تاريخ هذه الدار الذي هو تاريخ الخير والاخيار، على ان يتم هذا التدوين والاصدار مع الاحتفال المئوي في منتصف العام 2013".
كلمة الرئيس ميقاتي
وألقى رئيس مجلس الوزراء الكلمة الآتية: تسير بنا هذه الأيام المباركة في رحلة إلى أماكن الخير في نفوسنا، إلى حيث نجعل الإنسان فينا هو السيِّد على ذاته، يتوق إلى المعروف الذي أمرنا الله تعالى به، ويجد فيه راحته وسلامه وصفاء قلبه.
إنه زمن البركات، وأنوار القرآن الكريم، يجمعنا الليلة مع مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الايتام الاسلامية التي تحتضن من قست عليهم الحياة، وأذاقتهم الوحدة وغياب الحضن الأبوي وعطف الأمومة، فكانت لهم خير حضن ومعين.
أضاف: كم ترتاح قلوبنا ونحن نرى في شوارع عاصمتنا الحبيبة بيروت معلوماتٍ مضيئةٍ عن فضائل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، التي غدت بفضل القيمين عليها والعاملين المخلصين فيها، نموذجيةٌ تعتمِدُ الصمت وتتعدّى الفعل إلى الخير العَميم، لأن اليتامى والفقراء والمحتاجين جزءٌ نابضٌ حيٌّ من مجتمعنا يجدرُ بنا أن نعامله بالحسنى حتّى تتعافى بفضله سائر أجزاء الوطن.
وقال: في هذا الشهر الفضيل الذي نخلُد فيه إلى ذواتِنا، صياماً وتأمُّلاً وتَعَمُّقاً في جوهر الإسلام، يجدر بنا أن نُوَحِّدَ وقفتنا الوطنية، كما نوحِّدُ دعاءَنا الروحي، من أجل أن نكونَ جميعاً في خدمة الوطن، نعملُ له، نتفانى من أجله. فمن خسر والديه يمكن للحياة أن تعوض عليه بعائلة تحضنه كإبنها ، أما من خسر وطنه، لا سمح الله ، فهو يتيم الى الأبد.
أضاف: حين شكّلْنا هذه الحكومة، وجعلنا لها شعاراً "كلّنا للوطن كلّنا للعمل"، كُنّا واعين تماماً أيّة صعوباتٍ سنواجه، وأيةّ مآزق تنتظرنا، ومع ذلك عقدْنا العزم أن نكونَ على صلابةٍ في المواجهة، وعلى مرونةٍ في المعالجة، وعلى حكمةٍ في التعامل، حتّى نتلقّى ما ينتظرنا من صعوبات وشدائد، بعزمٍ موحّد على إنقاذ لبنان مما ينتظره في هذا الجوّ العربي المأزوم، وفي هذه المناخات السياسية المضطربة. وإننا نفترض دائما أن ما تواجهه هذه الحكومة من حملات ومواقف رغم دقة الظرف وحراجة الوضع المقصود منه تصحيح مسار او تصويب خيار،ولا نظنن يوما أن الهدف من وراء ذلك هو النيل من مقام رئاسة مجلس الوزراء.
واذا كنا ندعو الى التنبه الى ما يجري حولنا والتيقن بان خلاصنا يكون بالتعاون والتعاضد والتوافق، الا اننا في الوقت نفسه لسنا في وارد التساهل او التسليم بما يمكن ان يؤذي وطننا ويهدد وحدتنا ويعطل دور مؤسساتنا، وسنؤكد في الممارسة اننا ماضون في تحمل مسؤولياتنا كاملة لما فيه خير لبنان وشعبه. ونتطلع ان يدرك جميع الافرقاء ان المرحلة الراهنة تتطلب ارتفاعا فوق الحسابات الضيقة والاعتبارات الشخصية، وسلوك درب الحوار الوطني الصادق والمتكافىء غير الخاضع لشروط من هنا او من هناك وبصرف النظر ايضا عن معايير التمثيل او مواضيع النقاش. فالحوار، اي حوار، لا يكون في مسائل متفق عليها، بل في مواضيع تتباين وجهات النظر حولها، ومن شأن الحوار ان يقرب المسافات البعيدة ويوجد مناخا ايجابيا ينعكس راحة في السياسة والامن والاقتصاد والاستثمارات.
قدر لبنان ان يكون بلد التوافق، وقدر اللبنانيين ان يكون خيارهم دائما الاتفاق، وخير دليل على ذلك توافقنا جميعا على إنجاز خطوات متقدمة ستقودنا الى استثمار ثرواتنا الطبيعية من الغاز والمياه، والتصدي لمحاولات العدو الاسرائيلي لقضم مساحة من مياهنا الغنية بالثروة النفطية.
وقال: إننا عازمون على المضي في ورشة العمل الحكومية رغم كل الصعوبات والعراقيل المعروفة أو المستجدة، على قاعدة أساسية هي التمسك بالاصول والقوانين وحفظ المال العام، بعيدا عن ضغط المواقف والتصاريح التصعيدية من هنا وهناك، أو لغة التهديد التي يحلو للبعض إستخدامها. فاللبنانيون سئموا الجدالات السياسية التي لا طائل منها، ويريدون أن يشعروا فعلا أن الحكومة تهتم بأولوياتهم الاجتماعية والانمائية، وأن المال العام الذي يجنى من جيوبهم يصرف في موقعه الصحيح. ومن هذا المنطلق تأتي مقاربتنا لملف الكهرباء الذي نحن في صدد دراسته وفق مشروع قانون سيقر في مجلس الوزراء في خلال الايام المقبلة بعد وضع الضوابط القانونية والادارية الكفيلة بحسن تطبيقه.
أضاف: إنّ الدولة اللبنانية تدرك تماماً واجباتها المحلية وارتباطاتها العربية وتحالفاتِها الإقليمية وإلتزاماتها الدولية، وهي تتصرّف بما يخدم جميع هذه المصالح، من دون أن تؤذي علاقات لبنان في الخارج، ولا السلم الأهلي في الداخل.
الا ان هذا التوجه الذي التزمناه، لا يعطي اي مسوغ لاستمرار الحملات ضد الحكومة والتي ظهرت نماذج منها في معرض التعليق على الموقف اللبناني الأخير في مجلس الامن، فنحن موقفنا واضح: لا ولن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة لا سيما منها الدول العربية، عسى ولعل ان نكون قدوة لعدم تدخل الآخرين في شؤوننا.
وقال: على مائدة دار الايتام الاسلامية، أذكر اليُتْمَ فأدرك أن بعضاً من أبناء بلدي يشعرون أنهم ايتام في وطنهم، بعدما أفقدتهم التجاذبات السياسية، وترّهل الإدارات، أمانيهم وثقتهم بالمسؤولين وبالمستقبل. واقول من صميم ضميري وقناعاتي، إنه ليس هناك أفراد يتحملون وحدهم ما آلت اليه الأمور، ولا فريق واحد، ولا حزب، أو أي طرف لبناني بعينه. جميعنا مسؤولون عن هذا التعثر البغيض في حياتنا الوطنية، وجميعنا مدعوون اليوم إلى ورشة نهوض بالوطن، بمؤسساته واقتصاده وحيويته الاجتماعية والمعيشية والثقافية والحضارية. والحكومة التي لي شرف رئاستها تدعو الجميع الى المساهمة معها في ورشة النهوض هذه ، فالارادة موجودة والمكان يتسع ، والمشاركة هي من ثوابتنا الوطنية والسياسية . فلنواجه الرياح متشاركين حتّى مع الذين يعارضون ويعترضون، لأننا في النهاية شعبٌ واحدٌ تتعدّدُ مشاربه السياسية، لكنّ خلاصَهُ واحد، ومصيره واحد، ومستقبله واحد، فلنعملْ معاً من أجل هذا المستقبل، وهذا الخلاص، وهذا المصير، حتّى نستحقّ جميعاً وطننا لبنان. وهنا سأكرر :من خسر وطنه، لا سمح الله،هو يتيم الى الأبد. حمى الله هذا الوطن.
وسام
وفي الختام منح الرئيس ميقاتي الاستاذ محمد بركات وسام الاستحقاق اللبناني المذهب باسم رئيس الجمهورية تقديرا لخدماته. ورد بركات بكلمة شكر لفخامة الرئيس ودولة الرئيس معتبرا ان هذا الوسام علق على صدر كل من اسهم في عطاءات دار الايتام.



